الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يشترط في صحة العقد أن يُكتَب أو يُوَثَّق

السؤال

أنا موظف في شركة، وبيني وبينهم عقد، هل يصح العقد في حال لم يتم تزويدي بنسخة من العقد؟ وفي حال صحته، كيف أضمن حقي، إذا كنت لا أملك نسخة من العقد؟ كما أعلم أنه من أساسيات صحة العقد وجود نسخة صالحة عند الطرفين، وامتناع صاحب العمل عن تزويد الموظف بنسخة العقد التي تم توقيعها يوقعه في إثم حسب ما أعلم، فما قولكم في ذلك؟وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا يشترط في صحة العقد أن يكتب، أو يوثق. وإنما يصح العقد بمجرد وجود محله، وصيغته من الإيجاب، والقبول، فالعقد الشرعي كما عرفه الزركشي في «المنثور في القواعد الفقهية» هو: ارتباط ‌الإيجاب ‌بالقبول ‌الالتزامي، كعقد البيع، والنكاح، وغيرهما. اهـ.

وجاء في (مجلة الأحكام العدلية): (المادة 101) الإيجاب أول كلام يصدر من أحد العاقدين؛ لأجل إنشاء التصرف، وبه يوجب، ويثبت التصرف. (المادة 102) القبول ثاني كلام يصدر من أحد العاقدين؛ لأجل إنشاء التصرف، وبه يتم العقد. (المادة 103) العقد التزام المتعاقدين، وتعهدهما أمرا، وهو عبارة عن ارتباط الإيجاب بالقبول. (المادة 104) الانعقاد تعلق كل من الإيجاب، والقبول بالآخر على وجه مشروع يظهر أثره في متعلقهما. اهـ.

فإذا حصل الإيجاب، والقبول، والاتفاق على العمل، وأجرته، وانفض المجلس عن ذلك، فقد انعقدت الإجارة، ولزمت الطرفين. ولا يشترط في صحة ذلك كتابة العقد، وتوثيقه، وانظر للفائدة الفتوى: 458014.

وأما التوثيق؛ سواء بالكتابة، أو بالإشهاد، ففائدته كما أشار إليه السائل: ضمان الحقوق المتعلقة بالعقد، لا صحة العقد ذاته.

قال السرخسي في «المبسوط»: فيه المنفعة من أوجه:

أحدها: صيانة الأموال، وقد أمرنا بصيانتها، ونهينا عن إضاعتها.

والثانية: قطع المنازعة؛ فإن الكتاب يصير حكما بين المتعاملين، ويرجعان إليه عند المنازعة، فيكون سببا لتسكين الفتنة، ولا يجحد أحدهما حق صاحبه مخافة أن يخرج الكتاب، وتشهد الشهود عليه بذلك، فيفتضح في الناس. ... ......

والرابعة: رفع الارتياب، فقد يشتبه على المتعاملين، إذا ‌تطاول ‌الزمان ‌مقدار ‌البدل، ومقدار الأجل، فإذا رجعا إلى الكتاب لا يبقى لواحد منهما ريبة، وكذلك بعد موتهما تقع الريبة لوارث كل واحد منهما بناء على ما ظهر من عادة أكثر الناس في أنهم لا يؤدون الأمانة على وجهها. اهـ.

وعلى ذلك، فإذا حصل بين الموظف وشركته: الإيجاب، والقبول، والاتفاق على العمل، والأجرة، فقد انعقد العقد، وصح.

وأما توثيقه بالكتابة، وحصول كل طرف على نسخة منه، فللتوثيق، وضمان الحقوق. إن هذا مرتبط بشروط جهة العمل المسؤولة في الدولة من تنظيم مثل هذا الأمور ولكن إن كانت الجهة المنظمة في الدولة تشترط تسليم الموظف نسخة من العقد فليزم ذلك، لما فيه من مصلحة ظاهرة.

وأما مسألة الإثم فإن ترتب -على امتناع صاحب العمل من تزويد الموظف بنسخة من العقد الذي بينهما- أمر محرم كظلم الموظف، أو ضياع حقه، أو انتقاصه: فإنه يأثم بذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني