السؤال
لدي قريب، يريد مني أن أدفع مبلغًا لسيارة كدفعة أولى قدرها: 3 آلاف دينار، على أن يسددها لي بأقساط شهرية، والمتبقي من عمله يتم تقسيمه بيننا بالتساوي. فمثلاً: دخله في هذا الشهر 850 دينارًا، يتم دفع مبلغ 250 دينارًا كقسط للسيارة لصاحب المعرض، ومن ثم يتم تقسيم باقي المبلغ بيني وبينه، وفي حال تم بيع السيارة، يتم إعادة مبلغ الـ 3000 دينار التي دفعتها كدفعة أولى لي، واقتسام المبلغ الذي تم بيع السيارة به بيني وبينه. فهل هذا جائز؟ جزاكم الله خيرًا.
ملاحظة: هل هناك مشكلة في تسجيل السيارة باسم قريبي.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمعاملة بالصورة الواردة في السؤال لا تصح، لا مضاربة، ولا شركة.
فأما المضاربة؛ فلأنها تكون في التجارة، ويطلق فيها يد المضارب دون تضييق.
قال ابن الحاجِب في (جامع الأمهات) في بيان ركن العمل في المضاربة، وأنه يجب أن يكون تجارة غير مضيقة بالتعيين، أو بالتأقيت، قال: فلا يجوز على أن يخيط، أو يخرز، أو يشارك، أو يبضع، أو يخلط، أو يزرع. اهـ.
وقال خليل المالكي في شرح مختصر ابن الحاجب: هذا هو الركن الثاني، وشرط فيه شرطين:
الأول: أن يكون تجارة، وهي طلب الربح بالبيع والشراء، احترازًا من أن يعطيه مالًا يصنع فيه صنعة، فإن ذلك خارج عن سنة القراض ... فلا يجوز على أن يخيط، أو يخرز ... عطفه بالفاء ليرتبه على ما قبله، أي فبسبب اشتراطنا في العمل أن يكون تجرًا لا يجوز على نحو أن يخيط، أو نحو ذلك، كما إذا قيل: أنت تعرف الخياطة، أو الخرز، ولا مال لك، فخذ هذا المال واشتر به ثيابًا، أو جلودًا والربح بيننا، وعلة منع ذلك واضحة، وهي: أن رب المال ازداد عمل العامل، ولكن ذلك خارج عن سنة القراض، ومؤدٍ إلى الإجارة المجهولة. اهـ.
وقال الخطيب الشربيني في الإقناع: فلا يصح على شراء بر يطحنه ويخبزه، أو غزل ينسجه ويبيعه؛ لأن الطحن وما معه أعمال لا تسمى تجارة، بل أعمال مضبوطة يستأجر عليها. اهـ.
وأما الشركة، فإن قريب السائل ليس عنده مال حاضر يشارك به، بل سيعمل ليربح ويسدد، ومن شروط صحة الشركة في الأموال مطلقًا: أن يكون رأس مال الشركة عينًا لا دينًا، وأن يكون حاضرًا عند العقد، أو عند الشراء، فلا يمكن أن يكون دينًا، أو غائباً. وراجع في ذلك الفتوى: 113970.
ثم إن السائل عند الفسخ سيسترد رأس ماله، ويشارك قريبه في الباقي، مع مشاركته في الأرباح قبل ذلك، وهذا خارج عن سننِ المضاربة والشركة.
فإن أراد السائل أن يكون ماله مضمونًا على قريبه، فليقرضه إياه، ولا حق له في ربحه، كما لا يشارك في خسارته.
وإن أراد الربح، فليشارك قريبه بحصة مشاعة في السيارة بقدر مشاركته في ثمنها، ثم بعد ذلك يؤجّر حصته المشاعة لشريكه بمبلغ معلوم لأجل معلوم، وراجع في ذلك الفتوى: 68960.
وإن كان لا يريد إبقاء تملكه لحصته في السيارة؛ فيمكنه أن يجعل مشاركته مشاركة متناقصة، فيتفق مع قريبه بعد تملك السيارة، وبعقد مستقل ليس مشروطًا في الشركة الأولى، على بيع جزء من حصته لشريكه، كل مدة معلومة بثمن معلوم. وراجع في تفصيل ذلك الفتويين: 459520، 429811. وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.