السؤال
ما هو السبب، أو ما الحكمة من تحريم خروج المرأة من منزل الزوجية بدون إذن زوجها؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأسرة تعتبر مؤسسة عظيمة، فهي كغيرها من المؤسسات تحتاج إلى أسس تجعلها مستقرة، بحيث تتحقق من خلالها مقاصد الشرع من الزواج، ومن هذه الأسس أن الشرع قد جعل للزوج القوامة على زوجته، كما قال تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ [النساء: 34].
وهذه القوامة، قوامة إدارة وترتيب، وليست قوامة تسلط، وقوامة تكليف، وليست قوامة تشريف، أي أنه مسؤول عن ذلك أمام الله تعالى.
ومن مقتضى هذه القوامة أن تستأذن المرأة زوجها إذا أرادت الخروج من البيت، وبذلك تسير الحياة على نسق ونظام، دون إخلال بالحقوق والواجبات، وبالتالي؟ فهو جزء من التنظيم العام للحياة الزوجية لضمان سيرها بسلاسة وتناغم.
ومن حكمة ذلك استقرار الأسرة، والمحافظة على كيانها، فالرجل راع في بيته ومسؤول عن رعيته، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، ... متفق عليه.
وعليه فالزوج مكلف شرعا بحفظ تلك الأمانة ورعايتها، وخروج الزوجة دون إذنه قد يجعله في قلق عليها وقد يؤثر ذلك سلبًا على العلاقة الزوجية، فيزعزع استقرار البيت، وربما تتشتت الأسرة بسبب ذلك، وتلك هي غاية الشيطان، مطلبه الأهم، ففي صحيح مسلم عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئًا، قال: ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرّقت بينه وبين امرأته، قال: فيدنيه منه ويقول: نعم أنت.
وننبه إلى أن منع المرأة من الخروج بغير إذن زوجها هو الأصل، وهذا الإذن قد يكون نصا وقد يكون عرفا، وهنالك حالات قد تسوغ للمرأة الخروج دون إذن زوجها ذكرها الفقهاء، وقد أوضحناها في الفتوى: 476614.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني