السؤال
أخي رجل أعمال ناجح وكثير الأسفار. تعرف على فتاة غير مسلمة وتزوجها بعد أن أقنعها بالإسلام ودرسها الاسلام لفترة من الوقت. وقد بدت محبة لهذا الدين مقتنعة به. وبعد فترة وجيزة عادت لبلدها واختفت تماما عنه ولم تفلح كل محاولاته الوصول لها وانقطعت أخبارها لثلاث سنوات أو أكثر. وتابع أخي حياته المعتادة غير أنني كنت ألحظ حسرة ومرارة عند ذكرها. والحقيقة أنه آلمه فكرة أن تكون تركت الإسلام وخصوصا أنه بذل جهودا عظيمة في سبيل إسلامها. وكنت كلما ذكرتها أمامه تفيض عيناه بالدمع ويدعو لها أن تكمل مشوارها في الإسلام حتى أنه قام بأداء عمرة عنها.
العجيب في الموضوع أنها وقبل شهرين عاودت الاتصال به لتظهر له ندمها وحسرتها على تركه وما فعلت. لم تجد في نفسه مسامحة عما فعلت لاسيما وأنها لم تحفظ رباط الزوجية بينهما من الدنس. الذي شددالأمور كلها أنها أخبرته بنيتها الصادقة هذه المرة للعودة للإسلام وأن هذا لن يتأتى إلا عن طريقه... أخي الآن حائر خائف
هل يسامحها على خيانتها في سبيل إنقاذ روحها بالإسلام؟
هل يتركها تتحمل عاقبة ما فعلت ويتحمل هو تانيب الضمير وربما الوزر بسبب تركه إنسانا يحتاجه في أمر إسلامه.
أخي لا يعرف ماذا يفعل. بالله عليكم أرشدونا.
وبارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن هذه المرأة إذا كانت قد اعتنقت الإسلام ثم ارتدت بعد ذلك فإنها لم تعد زوجة لأخيك، لفسخ عقد النكاح بالردة. قال ابن عابدين في رد المحتار: وفسخ النكاح بالردة. وانظري الفتويين 44606، 25611 فإن فيهما مزيد بيان.
فإذا أسلمَتْ وحسن إسلامها وتابت من الزنا وندمت على ما فرطت في جنب الله وتحققت من براءة رحمها من ماء السفاح، فإن لأخيك حينئذ أن يتزوجها بعقد ومهر جديدين، وانظري الفتوى رقم: 9644.
ونريد أن ننبه إلى أن هداية الناس ليست إلينا، وإنما هي فضل ومنة من الله. قال تعالى لنبيه: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ {القصص: 56}. ولما كان نبينا حزينا من إعراض قومه ويتمنى إيمانهم قال الله له: فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا {الكهف: 6}. أي مهلك نفسك بحزنك عليهم إن لم يؤمنوا بهذا القرآن. وقال سبحانه: فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ {فاطر: 8}. وقال: وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِم {الحجر: 88}. ثم حصر الله دور نبيه في البلاغ فقال تعالى: مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ {المائدة: 99}. وقال: إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِر {الرعد: 8}. وقال: إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ {فاطر: 23}.
فليعلم أخوك أن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، وأنه إذا استفرغ وسعه في تبليغ دعوة الإسلام لهذه المرأة أو غيرها من الناس فقد أدى ما عليه، أما هدايتهم وانتفاعهم بدعوته فأمر خارج عن طوق البشر، فليس علينا أن نحمل الناس على الإسلام حملا، فلم يكلفنا الله ذلك.
والله أعلم.