الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأجرة المشروطة التي لاتدفع للموظف إلا بعد مدة

السؤال

في عقد العمل لدي بند يحتوي على الآتي: يتم تكديس مبلغ من المال شهريا وبشكل تراكمي لدى الشركة تدفع بعد 3 سنوات دفعة واحدة ما لم يخل -الموظف- بالشروط ومنها: تقديم الاستقاله, وحسن العمل... إلخ، فهذا المال مشروط, هل تجب الزكاه عليه بعد تسلمه لـ3 سنوات.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كانت الشركة ترصد مالا من عندها تحفيزاً للموظف الجيد ولا تملكه إياه إلا بعد مرور ثلاث سنوات وليس هو من الأجرة، فلا حرج في ذلك ولا زكاة على الموظف في هذا المال فيما مضى لأنه لا يملكه وإنما يستقبل به حولا من حين ملكه إن كان نصابا بنفسه أو بما انضم إليه من مال من جنسه، أما إن كان ذلك المال جزءاً من الأجرة لكن لا يستحقه العامل إلا بتلك الشروط فنقول إن هذه إجارة فاسدة لأن من شروط صحة الإجارة كون الأجرة معلومة، وعقد الإجارة بالصورة التي ذكرتها فيه جهالة، وهي أن جزءاً من الأجرة معلق على شيء مجهول، وهو أن العامل يأخذ جزءاً من أجرته شهريا ولا يأخذ الجزء الباقي منها إلا بعد مرور ثلاث سنوات وبشرط أن يكون عمله فيها حسنا وإلا فلا يستحقه، وكان يمكن للشركة أن تنتهج طريقة أخرى في معاقبة الموظف المهمل في عمله وهي خصم جزء من أجرته بقدر تقصيره، قال البجيرمي في حاشيته على المنهج: ولو وجد المحمول على الدابة ناقصا عن المشروط نقصا يؤثر وقد كاله المؤجر حط قسطه من الأجرة. انتهى.

وما دام عقد الإجارة فاسدا فإن العامل يستحق أجرة المثل، وقد تكون أجرة المثل أكثر مما اتفق عليه أو مساوية له أو دونه، وفي حالة كونها أكثر فإن عليه زكاة ما قبضه منها عند نهاية الحول إذا كان نصابا بنفسه أو بما انضم إليه من مال من جنسه، وما لم يقبضه يزكيه إذا قبضه لما مضى، وأما إن كان ما يقبضه أكثر من أجرة المثل فإنه يرد الزائد إلى الشركة ولا زكاة عليه فيه لأنه ليس له، وأما إذا كانت أجرة المثل مساوية فإن عليه زكاة ما قبضه كل سنة إذا كان نصاباً، كما سبق بيانه .

وأما ما لم يقبضه فإنه إذا قبضه يزكيه للسنوات التي مضت، و ذلك بأن يزكي كل شهر الجزء الذي استحقه بعد مرور الحول عليه ولو لم يكن نصابا بنفسه إذا كان له نصاب من جنسه أو كان هو يكمل النصاب لأنه تبين بقبضه له ملكه كل جزء في كل شهر، إلا أنه لم يجب عليه إخراج زكاته قبل قبضه لضعف ملكه عليه، فإذا ما قبضه تبين تمام ملكه له وقد نص الشافعية على قريب من هذا.

قال النووي رحمه الله تعالى: إذا أكرى دارا سنين وقبض الأجرة فحكموا -الشافعية- بالملك فيها وأوجبوا زكاتها بمجرد مضي الحول الأول على أصح الطريقين وإن كان لا يلزمه أن يخرج إلا زكاة ما استقر على الأظهر. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني