الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يخص الابن الأصغر بنصيب من الإرث لكي يتزوج

السؤال

جزاكم الله كل الخير على هذا الموقع وأريد إجابة على سؤالي هذا.
توفى والدي بعد أن زوجنا جميعا ماعدا الأخ الأصغر نحن نعلم بوجوب إخراج حقه من زواج وشقة كما فعل مع كل إخوتي ولكني أسأل عن كيفية التقسيم هل يقسم الباقي على الجميع أم كل ما تركه يقسم بما فيها الشقق التي خصصها لكل أخ. يقول أخ من إخوتي إذا قسمت القسمة بعيداً عن البيوت فلن يخرج للبنات شيء علماً بأن ما تركه والدي ليس بكثير ونحن تسعة إخوة أربعة ذكور وخمس إناث.
1. وماذا لو قسمت القسمة بعيدا عن البيوت على اعتبار أنها كانت من قبيل الهبة حال حياته لأولاده كما زوج البنات وجهز كل واحدة منهن .
الشق الآخر من سؤالي هو أن والدي قبل وفاته وقبل وفاة والدتي باع قطعة أرض ملك لوالدتي لزواج أخ من إخوتي وكانت والدتي تأمل أن يكتب والدي لها بدلا منها حتى نرثها من بعدها ونترحم عليها كما كانت ترغب وبعد وفاتها طالبنا والدي أن يكتب لوالدتي قطعة أرضها لكنه رفض حفاظاً على مشاعر أخي الأكبر من والدي (أخ لأب) فهل والدي عليه ذنب في هذا؟
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كان الأب قد زوج أبناءه وجهز بناته ولم يفعل ذلك بابنه الصغير لكونه لم يبلغ السن التي جرى العرف أن يزوج فيها مثله أو عجز الأب عن ذلك حتى مات فلا يجب أن يعطى الابن الصغير من التركة مهرا وشقة وغيرها؛ لأن التركة قد انتقلت بموت المورث إلى جميع الورثة، وأصبح لكل واحد منهم حق فيها، والعطية لبعض الأبناء إذا كانت لمسوغ لا يجب تعميمها على باقي الأبناء، وانظري تفصيل القول في ذلك في الفتوى رقم:6242، وعلى فرض عدم وجود مسوغ للتفضيل ويسر حال الأب وأنه لم يعدل في عطيته بتزويج بعض أبنائه دون بعض وقد مات ولم يسترد ذلك فإنه يثبت، وليس للبقية المطالبة به بعد موته قال ابن قدامة رحمه الله تعالى: إذا فاضل بين ولده في العطايا أو خص بعضهم بعطية ثم مات قبل أن يسترده ثبت ذلك للموهوب له ولزم، وليس لبقية الورثة الرجوع. هذا هو المنصوص عن أحمد في رواية محمد بن الحكم والميموني وهو اختيار الخلال وصاحبه أبي بكر، وبه قال مالك والشافعي وأصحاب الرأي وأكثر أهل العلم.

إذن فلا يجب عليكم أن تزوجوا الابن وتعطوه شقة إلا من باب الإحسان مع رضاء جميع الورثة لأن تلك حقوقهم فلا يتصرف فيها إلا بإذنهم ورضاهم جميعا. والشقق التي قد أعطاهم الأب في حياته لا تضم إلى التركة إذا كانت على سبيل العطية والهبة ووقعت منه في حال صحته ورشده وتمت حيازتها منه. ولكن إذا كانت عرية ومنحة للسكنى ونحوه فإنها تضم إلى باقي التركة وتقسم معها.

وأما قطعة الأرض التي باعها الأب وهي ملك للأم فإن كانت قد أذنت له في ذلك وأعطته إياها دون عوض فليس لها في ذمته شيء، وإن كان بعوض فلها ذلك في ذمته.وبموتها ينتقل حقها إلى ورثتها وله هو من ذلك بقدر نصيبه من تركتها والباقي لكم فينبغي أن تسامحوه فيه وتعفوه منه، وبذلك يسقط عنه الإثم وتبرأ ذمته من حقها. هذا على فرض أنها أعطته إياها على أن يعوضها أرضا بدلها. وإذا لم تسامحوه في ذلك فينظر في قيمة الأرض ويسقط نصيبه هو من ذلك والباقي يخرج من تركته ويعطى لورثة الأم خاصة.

ثم إننا ننبه السائلة الكريمة إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات. وانظري الفتوى رقم: 58608 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني