الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يخصم المال المسروق من زكاة المال

السؤال

شيخي الفاضل أولاد أخي أيتام وأنا أدفع جزءا من زكاتي لهم ويوجد أحد هؤلاء الأولاد الأيتام(14عاما) في منزلي بقصد الدراسة وبعد فترة اكتشفت أن هذا الولد قد سرق مني قسم من المال واعترف بذلك أمام الشهود . وسؤالي هو : هل يجوز لي قطع هذا المبلغ من الزكاة التي تدفع لهم سنويا علما أنهم لا يستطيعون دفع هذا المبلغ لي ؟
وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنقول للأخ السائل ما دام أبناء أخيك فقراء فهم من أهل الزكاة، والزكاة عليهم أفضل من الزكاة على غيرهم لأن في ذلك صدقة وصلة قال الله تعالى :إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {التوبة: 60 } وقال صلى الله عليه وسلم : الصدقة على المسكين صدقة ، وهي على ذي الرحم ثنتان : صدقة وصلة . رواه أحمد وغيره ، وراجع الفتوى رقم : 9892 ، ثم إنه لا يجوز لك أن تقتطع شيئا من مبلغ الزكاة الذي تدفعه لأبناء أخيك لتستوفي به ما ذهب من مالك على الصحيح من أقوال أهل العلم، فلا يصح إسقاط الدين عن الفقير أو المسكين ليكون ذلك زكاة لمال الدائن ، لأن الزكاة لا بد من إخراجها من يد المالك وتسليمها للفقير وهي حق الله تعالى في المال ، فلا يجوز للمرء أن يصرفها في نفع نفسه واستيفاء حقه ، وأنت إذا أخذت مقابل ما أخذه من المال واعتبرت ذلك زكاة لمالك فقد استوفيت بها حقك ، ووقيت بها مالك من الضياع. والذي عليك أن تفعله تجاه ابن أخيك الذي يبدوا أنه معسر هو أحد أمرين :

الأول : أن تنظره حتى يتيسر حاله ويجد ما يؤديك منه حقك إن ثبت شرعا أنه أخذه، وهذا الإنظار واجب في حال عسره بدليل قوله تعالى : وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة: 280 } .

الثاني : أن تفعل ما أرشدك إليه ربك ورغبك فيه ، وهو أن تتصدق عليه بالمبلغ الذي قيل أنه أخذه ، وتزجره عن مثل هذه الأعمال فهو بمثابة ابنك ، فأنت أحق من يعفو عنه ويستر عليه ويتصدق عليه، وليس من المروءة أن تعامله بالتشهير به وإحضاره أمام الشهود، وقد يكون تصرفه هذا عابرا في فترة المراهقة والصغر ثم يدركه العقل ويزول عنه هذا الخلق ، مع التنبيه على أن إخوة الولد لا علاقة لهم بتصرفات أخيهم ولا يؤاخذون بجريرته .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني