الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

إن كلمة الباءة تعني المكان أو المحل أو البيت أو الموقع أو المسكن وإليكم هذه الآيات القرآنية الكريمة كدليل على ذلك، وكلها جاءت بمعنى المكان أو البيت أو المسكن أو الموقع ( وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )112 آل عمران ( وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدين ) 74 الأعراف ( وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) 87 يونس ( وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ 56) يوسف ( بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ) 26 الحج ( وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ) 74 الزمر ( وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ 59) الحشر ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ) 58 العنكبوت ثانيا - الأحاديث النبوية للرسول صلى الله تعالى عليه وسلم التي جاءت فيها كلمة الباءة بمعنى البيت أو المسكن أو الموقع أو المنزل أو المحل هي ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، مسند أحمد 12627) ( من تعلم علما لغير الله أو أراد به غير الله فليتبوأ مقعده من النار ) سنن الترمذي -قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من عاد مريضا نادى مناد من السماء طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا) سنن ابن ماجه، لهذا فإن الذي لايوجد له مكان أو بيت أو مسكن أو مكان منعزل فلا يجب عليه الزواج لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الشريف من استطاع منكم الباءة فليتزوج، وكما أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الشريف لاتدخلوا على النساء حتى أن الحمو وصفه بالموت والحمو يعني أخا الزوج لهذا فإن الذي لا يملك المكان أو البيت المستقل يجب أن لايتزوج لأن وجود الزوجة مع إخوة الزوج في نفس البيت فيه المفسدة وقد تحدث الخلوة بين الزوجة وإخوة الزوج وهذا ما لايرضى به الإسلام لأنه الموت كما جاء في الحديث الشريف، ولهذا فإن عقد الزواج لا يصح في حالة عدم توفر البيت أو المكان المنعزل والمستقل حتى العصفورة، وكل طائر لايتزوج حتى يكمل بناء العش الذي سوف يضع فيه البيض ويفقس الأفراخ والكتاكيت بداخل هذا العش أو المكان المستقل والخاص به فكيف يكون الحال بالنسبة إلى الإنسان؟؟ ولأن جميع مشاكل المسلمين تأتي داخل الأسرة حيث إن الطفل يتربى أو يكبر بين المشاكل والخصومات التى تحصل بين والدته - أمه- من جهة وبين عماته من جهة أخرى والسبب هو عدم وجود البيت المستقل للزوجين أي الباءة، والمثل العربي يقول - اسأل المجرب ولا تسأل الحكيم - وهذه التجربة هي قد حصلت لي . يرجى عرض الموضوع على العلماء المتخصصين في الشريعة وجزاكم الله تعالى ألف خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد بينا معنى الباءة في الحديث وكلام أهل العلم فيها، وذلك في الفتوى رقم :14223 كما ذكرنا حكم النكاح وبينا أنه تعتريه أحكام الإسلام الخمسة، فتارة يكون واجبا وتارة يكون مستحبا وتارة يكون محرما ...إلخ، وانظر الفتوى رقم:16681 ، والسكن من حقوق المرأة الواجبة لها على زوجها كالنفقة وغيرها ولها إسقاطه إن شاءت، وليس شرطا لوجوب الزواج أو عدم وجوبه، لكن على غير القادر على المسكن إخبار من يريد نكاحها كما بينا في الفتويين التاليتين: 34018 / 66879 وله من الفوائد ما ذكرت وأكثر، وهو علاج لكثير من المشاكل الزوجية التي يكون سببها الأهل مثلا، وأحيانا يكون عدمه أولى كما بينا في الفتاوى المحال إليها آنفا.

والخلاصة : أن الباءة في الحديث فسرها أهل العلم بالقدرة على النكاح ومؤنه من نفقة وسكنى وغيرها، ولا حرج في شمول اللفظ لتلك المعاني كما بينا، وإن كان أصل الباءة في اللغة هو السكن والمنزل، قال ابن منظور في اللسان : والبيئة والباءة والمباءة : المنزل . وقال ابن الجزري في غريب الحديث والأثر : عليكم بالباءة يعني النكاح والتزوج . يقال فيه الباءة والباء ، وقد يقصر وهو من المباءة : المنزل لأن من تزوج امرأة بوأها منزلا وقيل لأن الرجل يتبوأ من أهله ، أي يستمكن كما يتبوأ من منزله. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني