السؤال
مات رجل عراقي في سوريا بحادث سيارة وتم تصديق الوفاة من السفارة العراقية هناك، والآن نريد ترتيب حقوقه التقاعدية لعائلته، وطلب منا القاضي أن نصدق ختم السفارة من وزارة الخارجية والصحة أو أن نحضر شاهدين يقسمان أنهما شاهدا الحادث وما كان معه أحد منا، فهل يحل لنا أن نشهد رجلين على الحادث لم يشهداه، وحال العائلة أن الناس اليوم تتصدق عليها بالمعاش، أفيدونا يرحمكم الله ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن المعلوم بالضرورة عند كل مسلم أن الكذب حرام وكذلك شهادةالزور ، وقد دلت على ذلك نصوص الوحي من الكتاب والسنة، ولكن إذا اضطر المسلم إلى شيء من ذلك وألجأته إليه الضرورة، ومن ذلك إنقاذ المسلم أو ماله فيجوز هنا الكذب بقدر الحاجة ولا يتعداها ، كما قال الله تعالى : فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {البقرة: 173 } وقد أجاز أهل العلم الكذب إذا كان لمقصود مشروع لا يمكن التوصل إليه إلا بذلك ولم يكن فيه ضرر للغير ، قال البهوتي في كشاف القناع وهو حنبلي المذهب : يجوز كذب الإنسان على نفسه وغيره إذا كان يتوصل بالكذب إلى حقه ولم يتضمن ضررا . ونقل ابن مفلح في الآداب الشرعية عن ابن الجوزي: أن كل مقصود محمود لا يمكن التوصل إليه إلا بالكذب فهو مباح إن كان المقصود مباحا، وإن كان واجبا فهو واجب . ولذلك فإذا كنتم متأكدين بالأدلة والقرائن من حصول الحادث ووفاة الرجل ولم تجدوا وسيلة لإثبات ذلك أو التوصل إلى حق ذي الحق إلا بما ذكرتم وكان يترتب عليه إثبات الحق وتخليصه لأهله فإنه يجوز لكم ذلك، والأولى لمن يشهد بذلك أن يستخدم التورية والمعاريض .
والله أعلم .