الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الانتفاع بالتعويضات المادية

السؤال

لقد ائتمنني أخ كريم على إنشاء مشروع خاص به وبالفعل قمت بالإنشاءت حتى بدأ العمل وكان المال خاص به هو والإدارة لي المهم عند العودة من الخارج بدأ التلاعب، المهم فوجئت بأنه بدأ بالشكوى من أنني لم أقم بتسليمه المشروع وأنني أمتلك المشروع ولا أريد أن أرد له الأمانة ولما وجهت لي الاتهامات من المجلس العرفي تفاجأ الجميع بأنني ناقلة الملكية له وأنه قام بالتلاعب من أجل إخراجي من إدارة المشروع وكان قرار المحكمين بأنهم أعطوني مبلغ مائة ألف جنيه مصري على سبيل التعويض مقابل الأضرار التي تعرضت لها، والسؤال هو: هل المال الذي دفع لي حلال بالنسبه لي أم لا، لأن البعض قال يجب أن أتبرع به للمساجد، فأفيدوني؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلم توضح لنا طبيعة الأضرار التي تعرضت لها والتي حكم المحكمون بتعويضك مائة ألف مقابلها، هل هي أضرار معنوية بسبب الاتهام الذي وجهه لك صاحب المشروع، أم أضرار مادية بسبب إخراجه لك من المشروع، وعلى كل: فإذا كانت أضرارا معنوية فقد تقدم تفصيل الكلام في حكم التعويض عنها، وذلك في الفتوى رقم: 35535، وحاصلها أن التعويض عنها غير جائز. وعليه، فعليك أن ترد المائة ألف إلى صاحب المشروع، ولا يجزئ أن تتبرع بها إلى المسجد.

أما إذا كانت أضراراً مادية فهذا متوقف على نوع العلاقة التعاقدية بينك وبين صاحب المشروع. هل هي إجارة براتب محدد مقابل الإدارة؟ أم شركة مضاربة بينكما هو بماله وأنت بعملك؟ فإذا كانت إجارة فالذي تستحقه هو الراتب المتفق عليه، سواء زاد على المائة ألف أو قل، وإذا لم يكن قد حُدد راتب فلك أجرة المثل، فإذا كان الأجر أكثر من مائة ألف فلك المطالبة بالباقي، وإن كان أقل فعليك أن ترد الفرق، وإذا كان مدة عقد الإجارة لم تنته بعد فلك المطالبة برواتب ما تبقى منها، وذلك لأن عقد الإجارة عقد لازم لكل من الطرفين، وليس لأي منهما فسخه بغير سبب. والأصل في ذلك قول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة:1}.

وأما إذا كانت شركة مضاربة، فالذي تستحقه عند تصفية الشركة هو نسبة الربح المتفق عليها، إذا كان هناك ربح، سواء كانت أقل من المائة ألف أو أكثر، والأصل في هذه الحالة والتي قبلها، قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ {المائدة:1}، وقوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم فيما أحل. رواه الطبراني.

ولا يلزمك التبرع للمسجد بشيء مما تستحق من أجرك أو نصيبك من الربح، كما لا يجزئ التبرع إلى المسجد عن رد الحق الذي عليك إلى صاحبه، إن كان له عندك حق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني