السؤال
جاءني الايميل التالي بعنوان : أبو بكر وذمته المالية.
أبو بكر وإقرار ذمته المالية:
تولى أبو بكر الصديق (رضي الله عنه) أمر المسلمين بعد انتقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الرفيق الأعلى وقال خطبته المعروفة القصيرة في وقتها البليغة والغنية في معانيها :
" أما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أرجع عليه حقه إن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قومٍ إلا عمّهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله .
البداية والنهاية (6/305،306) إسناده صحيح
وبدأ الصديق (رضي الله عنه) ينفذ السياسة التي رسمها لدولته وجعل عبيدة بن الجراح (رضي الله عنه) - أمين الأمة - مسؤولا عن بيت مال المسلمين (وزير المالية) وجعل عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) على القضاء (وزيرا للعدل) وجعل كبار مستشاريه من الصحابة الكاتبين كعلي بن أبي طالب (كرم الله وجهه) وعثمان بن عفان وزيد بن ثابت (رضي الله عنهم جميعا) .
كان أبو بكر رجلا تاجرا فكان يغدو كل يوم إلى السوق يحمل الأثواب على كتفيه فيبيع ويشتري فلقيه عمر وأبو عبيدة عند السوق فسألاه: أين تريد يا خليفة رسول الله ؟
رد أبو بكر بتلقائية : الســـوق.
فقالا له: ما هذا الذي تصنعه وقد وليت أمر المسلمين ؟
أجاب أبو بكر: فمن أين يأكل عيالي ؟
فقال له عمر وأبو عبيدة: سنفرض لك راتبا .
وبالفعل تم الإقرار على أن يكون راتب الخليفة أبي بكر السنوي 250 دينارا وشاة يؤخذ له من بطنها ورأسها وأكارعها .
وجد أبو بكر أن هذا الراتب لا يكفي بيته ولا عياله فقرر أن يخرج لسوق البقيع للبيع والشراء كعهده سابقا .
***********************
وجد عمر بن الخطاب مجموعة من النساء متجمعات أمام بيت أبي بكر الصديق ليقضي بينهن في أمر فانطلق عمر يبحث عن أبي بكر حتى وجده في سوق البقيع، فأخذ عمر بيد أبي بكر قائلا له: تعالى هاهنا .
نظر إليه أبو بكر وقال له: لا حاجة لي في إمارتكم !! رزقتموني ما لا يكفيني ولا يكفي عيالي .
قال له عمر : إنا نزيدك
رد أبو بكر : 300 دينار والشاة كلها.
قال عمر : أما هذا فلا.
واحتكم أبو بكر وعمر إلى علي بن أبي طالب فرأى علي أن لأبي بكر ما أراد من زيادة الراتب.
صعد أبو بكر منبر المسجد النبوي ونادى في الناس: أيها الناس إن رزقي كان خمسين ومائتي دينار وشاة يؤخذ من بطنها ورأسها وأكارِعُها وإن عمر وعلياً كمّلا لي ثلاثمائة دينار والشاة أفرضيتم؟
رد الحاضرون: اللهم نعم قد رضينا ...
الرياض النضرة في معرفة العشرة صــ 291 بتصرف
**************************
هذه الواقعة قرأتها في كتاب ( الانشراح ورفع الضيق بشرح سيرة أبي بكر الصديق - شخصيته وعصره) للدكتور (علي الصلابي) ، وما إن قرأتها حتى أخذت أعلق النظر في سقف الحجرة لفترة طويلة من فرط الدهشة والتبجيل لخير القرون ورواد البشرية .
أخذت أسال نفسي: ها أنت تقبل على أن تتم عامك الخامس والعشرين في هذه الدنيا ولكن هذه هي المرة الأولى التي تعرف فيها هذه الواقعة على الرغم من عظمها وسموها... لا أنكر تقصيرا مني في طلب العلم ولكن هل يراد لنا أن نظل جاهلين بسير هؤلاء العظماء كي لا تكون سيفا مسلطا على رقاب اللصوص وخونة الأمانة وباعة الأوطان ؟!!
أما آن لنا كشباب مسلم أن نستكشف تاريخ أجدادنا الحقيقي وهم يستحقون أن نفتخر بهم ... ألا يكون الاستيعاب الكامل والتام لهؤلاء العظماء أفضل من مجرد كلمة "مسلم" في بطاقتي الشخصية ؟
شيء من تحليلي المتواضع لهذا الموقف ...
1) الخليفة أبو بكر الصديق تولى أمر المسلمين مدركا أنها مسئولية ثقيلة وليست تشريفا وإعلاء من الشأن بل إنه يدرك أن هذه الخلافة إن لم يعطها حقها قد تكون سببا في انحطاط أمره، فلم يطرأ على باله من الأساس أن يتقاضى راتبا عن إدارته لأمور الدولة الإسلامية فإذا أراد أن يطعم بيته وأهله نزل إلى السوق ليبيع ويبتاع .
2) السلطة القضائية ممثلة في رأسها الفاروق عمر بن الخطاب تراقب آداء الخليفة وتقيم عمله وتقدم الحلول التي من شأنها رفع مستوى إدارة الدولة .
--- انتهى ---
فيه تكملة بسيطة لكن عدد الحروف لا يسمح
المهم هل هذه القصة صحيحة أم هي من ابتكار الشيعة كبقية القصص التي فجأة ظهرت في الآونة الأخيرة
أتمنى أن تفيدوني وجزاكم الله كل خير.