قال  أبو عبد الله :  والأخبار التي ذكرناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دالة على أن الإيمان ، والإسلام يفترقان ،  لأنه دل على الإيمان بما دل على الإسلام ، قال في حديث  عمر  لجبريل  حين سأله عن الإسلام : الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله " ، وما ذكر مع الشهادتين من الفرائض . 
وقال  ابن عمر :  وجرير بن عبد الله ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم :  " بني الإسلام على خمس " ، ثم قال في حديث  ابن عباس  لوفد عبد القيس :   " أتدرون ما الإيمان " ، فذكر الحديث . وقال في حديث  أبي هريرة ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم :  " الإيمان بضع وسبعون " ، فسمى الإسلام بما سمى به  [ ص: 715 ] الإيمان ، وسمى الإيمان بما سمى به الإسلام . 
ومما يزيد ذلك بيانا قوله :  " لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه " ، وقال في حديث آخر :  " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده " ، والبوائق لا تكون إلا باللسان ، واليد ، فسمى الإيمان بما سمى به الإسلام ، لأن من أمن جاره بوائقه ، فقد سلم من لسانه ويده ، ومن لا يسلم جاره من لسانه ويده لا يأمن بوائقه ، وقال :  " المؤمن من أمنه الناس على أنفسهم ، وأموالهم ، فمن سلم الناس من لسانه ويده أمنوه على أموالهم ، وأنفسهم " ، فدل النبي صلى الله عليه وسلم بسنته على أن الإيمان والإسلام لا يفترقان ، وأن المسلم هو المؤمن ، فليس لأحد أن يفرق بين اسمين دل النبي صلى الله عليه وسلم عليهما بمعنى واحد ، يجعلهما معنيين مختلفين ، ومن فرق بينهما ، فقد عارض سنة النبي صلى الله عليه وسلم بالرد ، إلا أن أحدهما أصل للآخر لا ينفك أحدهما عن الآخر ، لأن أصل الإيمان هو التصديق ، وعنه يكون الخضوع ، فلا يكون مصدقا إلا  [ ص: 716 ] خاضعا ، ولا خاضعا إلا مصدقا ، وعنهما تكون الأعمال التي وصف النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام ، وتسمى من قام بها بالإيمان ، والإسلام . 
				
						
						
