ولما ثبت أن الصفا والمروة من شعائر الله ، والشعائر العلامات كما ذكرنا ، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس في حجة الوداع أن يأخذوا عنه مناسكهم ، وقال لهم : لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا ، وطاف بينهما .
1307 - كما حدثنا ، قال حدثنا الربيع المرادي أسد ، قال حدثنا حاتم ، عن ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد جابر ، الصفا والمروة ، قال : نبدأ بما بدأ الله به ، يريد قوله : ( إن الصفا والمروة من شعائر الله ) . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم لما انتهى في حجته ، وفي طوافه لها إلى
فصارتا بذلك كسائر شعائر الله في الحج ، وكان تاركهما في حكم تارك ما سواهما من شعائر الحج في وجوب الدم عليه في تركهما ، خلا ما خصت به عرفة ، إذ كان قد جعل من فاته الوقوف بها حتى خرج وقتها ممن قد خرج من الحج إلى غيره ، وخلا ما خص به طواف الزيارة فيما وكد من أمره ، وفيما جعل على تاركه من اللبث في إحرامه حتى يطوفه ، فهذا حمله ما في حديث الذي قد روي عنها في هذا الباب . عائشة
وأما فقد روي عنه في ذلك ما : أنس
1308 - قد حدثنا ، قال حدثنا أبو بكرة قال حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، سفيان ، عن قال : عاصم ، عن أنس بن مالك الصفا والمروة ، فقال : كانتا من مشاعر الجاهلية ، فلما جاء الإسلام أمسكنا عنهما ، فأنزل الله عز وجل : ( إن الصفا والمروة من شعائر الله ) إلى قوله ( شاكر عليم ) . سألت
[ ص: 99 ] 1309 - وما حدثنا محمد بن زكريا ، قالا : حدثنا وابن أبي مريم ، ، قال حدثنا الفريابي سفيان ، فذكر باسناده مثله .
1310 - وحدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حجاج ، قال حدثنا حماد ، قال أخبرنا عاصم الأحوال ، قال : سألت أنسا عن الصفا والمروة ، ثم ذكر مثله ، وزاد قال : وهما تطوع . أنس
1311 - وما حدثنا ، قال حدثنا أبو أمية عارم ، قال حدثنا ثابت وهو أبو زيد ، قال حدثنا قال : عاصم ، لأنس : ( إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ) ، كأنكم كنتم تكرهون الطواف بهما ؟ قال : أجل ، كانتا من مشاعر الجاهلية ، وكنا نتقيهما حتى ذكرهما الله عز وجل قال : والطواف بينهما تطوع ، ( ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم ) . قلت
1312 - وحدثنا صالح بن عبد الرحمن ، قال حدثنا حجاج بن إبراهيم ، قال حدثنا قال حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، قال : عاصم ، لأنس : أكنتم تكرهون الطواف بين الصفا والمروة حتى نزلت : ( إن الصفا والمروة من شعائر الله ) ؟ قال : نعم ، كانتا من شعائر الجاهلية ، وكنا نكره الطواف بهما حتى نزلت هذه الآية . قلت
ففي حديث هذا أنهم كانوا يكرهون الطواف بهما ، لأنهما كانا من شعائر الجاهلية ، وقد كان ما سواهما من الوقوف أنس بعرفة ، والوقوف بمزدلفة ، والطواف بالبيت ، من شعائر الحج في الجاهلية أيضا ، فلما جاء الإسلام ، وذكر الله عز وجل ذلك في كتابه صار من شعائر الحج في الإسلام ، فكان كذلك الطواف بين الصفا والمروة ، بعد ذكر الله عز وجل إياهما في كتابه صار من شعائر الحج في الإسلام وأما قول " وهما تطوع " فإن [ ص: 100 ] ذلك لم يذكره عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو - عندنا - من قوله على ظاهر الآية ، وعلى ظاهر نفي الجناح كقوله عز وجل : ( أنس فلا جناح عليهما أن يتراجعا ) .
فكان ذلك على نفي الحرج عنهما في المراجعة ، فحمل معنى : ( فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ) ، على هذا المعنى أيضا .
فكان ما روي عن من وقوفها على عائشة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سن الطواف بينهما " أولى من قوله ، لأنه ليس لأحد التخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جعله من سننه ، كما ليس لأحد التخلف عما قد جعله من سننه في الحج سوى ذلك كطواف الصدر ، وكطواف القدوم ، وكالصلاة على إثر الطواف ، وكما سوى ذلك من سائر سننه في الحج والعمرة التي لا يرخص للحاجين ولا المعتمرين في تركهما في حجهم ، ولا في عمرهم .