فما بسطت عليه المعرفة ، وسكنت إليه الأفئدة ، وذكر أصله في الكتاب والسنة ، وتوارثت علمه الأمة ، فلا تخافن في ذكره ، وصفته من ربك ما وصف من نفسه عبثا ، ولا تتكلفن لما وصف لك من ذلك قدرا ، وما أنكرته نفسك [ ص: 69 ] ولم تجد ذكره في كتاب ربك ، ولا في الحديث عن نبيك ، من صفة ربك فلا تتكلفن علمه بعقلك ، ولا تصفه بلسانك ، واصمت عنه كما صمت الرب عنه من نفسه ؛ فإن تكلفك معرفة ما لم يصف من نفسه مثل إنكارك ما وصف منها ، فكما أعظمت ما جحد الجاحدون مما وصفه من نفسه ، فكذلك أعظم تكلف ما وصف الواصفون مما لم يصف منها ، فقد والله عز المسلمون الذين يعرفون المعروف وبمعرفتهم يعرف ، وينكرون المنكر وبإنكارهم ينكر ، يسمعون ما وصف الله به نفسه من هذا في كتابه وما يبلغهم مثله عن نبيه ، فما مرض من ذكر هذا وتسميته من الرب قلب مسلم ، ولا تكلف صفة قدره ولا تسمية غيره من الرب مؤمن . اعلم رحمك الله أن العصمة في الدين إن تنته حيث انتهى بك فلا تجاوز ما قد حد لك ، فإن من قوام الدين معرفة المعروف ، وإنكار المنكر ،
وما ذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سماه من صفة ربه ، فهو بمنزلة ما سمى ووصف الرب تعالى من نفسه ، من أجل ما وصفنا ، كالجاحد المنكر لما وصفنا منها ، والراسخون في العلم الواقفون حيث انتهى علمهم ، الواصفون لربهم بما وصف من نفسه ، التاركون لما ترك من ذكرها ، لا ينكرون صفة ما سمى منه جحدا ، ولا يتكلفون وصفه بما لم يسم تعمقا ؛ لأن الحق ترك ما ترك ، وتسمية ما [ ص: 70 ] سمى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ، وهب الله لنا ولكم حكما وألحقنا بالصالحين .