الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              246 - حدثنا جعفر القافلائي ، قال : ثنا محمد ، قال : ثنا أبو عاصم ، عن ابن عجلان ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله عز وجل حين خلق الخلق كتب بيده على نفسه : إن رحمتي غلبت غضبي "

              قال الشيخ : فهذه الأحاديث وما ضاهاها ، وما جاء في معناها في كمال الدين ، وتمام السنة : الإيمان بها ، والقبول لها ، وتلقيها بترك الاعتراض عليها واتباع آثار السلف في روايتها بلا كيف ولا لم ، فإن التنقيب والبحث عن ذلك يوقع الشك ، ويزيل القلب عن مستقر الإيقان ، ويزحزحه عن طمأنينة الإيمان ، فإن كثيرا من الناس فتنوا بكثرة السؤال ، والتنقير ، والفحص عن معاني أحاديث ، فلم يزالوا بذلك ، وعلى ذلك حتى [ ص: 314 ] أشربوا في قلوبهم الفتن والمحن ، فلججوا في بحار الشك ، فصار بهم إلى رد السنن ، والتكذيب لما جاء في نص التنزيل ، وما صحت به الرواية عن الرسول ، وقالوا : لا نقبل ، ولا يجوز أن نصف الله إلا بما قبله المعقول ، وقالوا : لا نقول : إن لله يدين ؛ لأن اليدين لا تكون إلا بالأصابع ، وكف وساعدين ، وراحة ، ومفاصل ، ففروا بزعمهم من التشبيه ، ففيه وقعوا ، وإليه صاروا ، وكل ما زعموا من ذلك فإنما هو من صفات المخلوقين ، وتعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ؛ لأن يدا الله بلا كيف ، وقد أكذبهم الله عز وجل وأكذبهم الرسول ، فأما ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وصحابته ، والتابعين لهم بإحسان ، وأئمة الدين الذين جعل الله الكريم في ذكرهم أنسا لقلوب المؤمنين ، ورحمة للمسلمين ، فقد ذكرنا منه ما في بعضه كفاية وشفاء ، وأما ما نص عليه الكتاب ، فقوله تعالى : ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي .

              وقال : بل يداه مبسوطتان .

              وقال : والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه ، [ ص: 315 ] ثم صدق ذلك ، وأبان معناه قول النبي صلى الله عليه وسلم : " يد الله ملأى سحاء لا يغيضها شيء " .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية