الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                معلومات الكتاب

                الأشباه والنظائر على مذاهب أبي حنيفة النعمان

                ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                صفحة جزء
                ( السابع ) في وقتها [ ص: 153 ] الأصل أن وقتها أول العبادات ، ولكن الأول حقيقي وحكمي ، فقالوا في الصلاة : لو نوى قبل الشروع فعن محمد رحمه الله لو نوى عند الوضوء أنه يصلي الظهر ، أو العصر مع الإمام ، ولم يشتغل بعد النية بما ليس من جنس الصلاة إلا ، أنه لما انتهى إلى مكان الصلاة لم تحضره النية جازت صلاته بتلك النية ، وهكذا روي عن أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله ، كذا في الخلاصة ، وفي التجنيس إذا توضأ في منزله ليصلي الظهر ، ثم حضر المسجد وافتتح الصلاة بتلك النية ، فإن لم يشتغل بعمل آخر يكفيه ذلك 317 - هكذا 318 - قال محمد رحمه الله في الرقيات ; لأن النية المتقدمة على الشروع تبقى إلى وقت الشروع حكما كما في الصوم ، إذا لم يبدلها بغيرها .

                [ ص: 154 ] وعن محمد بن سلمة : إن كان عند الشروع بحيث لو سئل : أية صلاة تصلي يجيب على البداهة من غير تفكر ، فهي نية تامة ، ولو احتاج إلى التأمل لا تجوز ، وفي فتح القدير فقد شرطوا عدم ما ليس من جنس الصلاة لصحة تلك النية مع تصريحهم بأنها صحيحة مع العلم بأنه يتخلل بينها وبين الشروع المشي إلى مقام الصلاة ، وهو ليس من جنسها ، فلا بد من كون المراد بما ليس من جنسها ما يدل على الأعراض بخلاف ما لو اشتغل بكلام ، أو أكل ، أو تقول : عد المشي إليها من أفعالها غير قاطع للنية ، وفي الخلاصة أجمع أصحابنا ، أن الأفضل أن تكون مقارنة للشروع ، ولا يكون شارعا بنية متأخرة ; لأن ما مضى لا يقع عبادة لعدم النية ، فكذا الباقي لعدم التجزي ، ونقل ابن وهبان اختلافا بين المشايخ خارجا عن المذهب موافقا لما نقل عن الكرخي من جواز التأخير عن التحريمة ، فقيل : إلى الثناء ، وقيل : إلى التعوذ ، وقيل : إلى الركوع وقيل إلى الرفع ، والكل ضعيف ، والمعتمد أنه لا بد من القران حقيقة ، أو حكما ، 320 - وفي الجوهرة : ولا معتبر بقول الكرخي .

                [ ص: 153 ]

                التالي السابق


                [ ص: 153 ] قوله : الأصل أن وقتها أول العبادات في فتح القدير ، والأصل أن وقت النية أول العبادات ، أو نحوها وخرج عن ذلك الصوم ، فجوز تقديم نيته على أول الوقت لعسر مراقبته ، وكذلك الزكاة وصدقة الفطر ، وما في غير العبادات ، كنيته الاستثناء في اليمين ، فإنهما قبل فراغ المستثنى . ( 317 )

                قوله : هكذا ، يحتمل هذا اللفظ وجهين : أحدهما أنها حرف تنبيه داخلة على اسم الإشارة تقديرا ، والكاف حرف تشبيه جارة لاسم الإشارة في موضع نصب على الحال ، أو نعت لمصدر محذوف ، وثانيهما أنها فعل بمعنى : خذوا ، كذا : جار ومجرور متعلق به ، والجملة مستأنفة استئنافا بيانيا . ( 318 )

                قوله : قال محمد في الرقيات : هو اسم كتاب أملاه محمد بالرقة حين كان مقيما بها فنسب إليها ، وهو من كتب النوادر . [ ص: 154 ] قوله : وعن محمد بن سلمة إلى آخره . قيل : ومثل الصلاة الصوم عنده ، لكن الأصح أنها لا تكون نية ; لأنها غير العلم ; ألا ترى أن من علم الكفر لا يكفر ، ولو نواه يكفر كما في مجمع الفتاوى . ( 320 ) قوله : وفي الجوهرة : ولا معتبر بقول الكرخي ، فإنه قاس الصلاة على [ ص: 155 ] الصوم ، وهو لا يصح ; لأن سقوط القران في الصوم لمكان الحرج ، والحرج يندفع بتقديم النية في الصلاة ، فلا ضرورة إلى التأخير ، وجواز التأخير في الصوم للحرج ، قال بعض الفضلاء : ولقائل أن يقول : يندفع الحرج بالتقديم في الصوم أيضا كما لا يخفى




                الخدمات العلمية