الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: أن مالكا الجشمي، قال: أتيته، فقال لي: "أرب إبل أنت أو رب غنم؟" فقلت: من كل قد [ ص: 288 ] آتاني الله فأكثر وأيطب. فقال: "ألست تنتجها وافية أعينها وآذانها فتجدع هذه وتقول: صربى وتهن هذه وتقول: بحيرة؟" .

حدثناه أحمد بن إبراهيم بن مالك، نا بشر بن موسى، ثنا الحميدي، ثنا سفيان، ثنا أبو الزعراء عمرو بن عمر، عن عمه أبي الأحوص عوف بن مالك الجشمي، عن أبيه.

قوله: صربى:  فسره ابن قتيبة في كتابه.

وقوله: تهن هذه معناه: تصيب هن هذه أي: الشيء منها كالأذن والعين ونحوهما، وهن كناية عن الشيء لا تذكره باسمه تقول: أتاني هن، وهنة للأنثى، وهننته أهنه إذا أصبت منه هنا أي: موضعا، كما تقول: بطنته إذا أصبت بطنه، ورأسته إذا أصبت رأسه.

ورواه عبد الجبار بن العلاء، عن سفيان، فقال فيه: فتجدع هن هذه وتقول: صربى، وتشق هن هذه وتقول: بحيرة. وكان مذهب القوم فيما يتعاطونه منها شكر الله والتقرب إليه، قال الشاعر يذكر صنيعهم:


فكان شكر القوم عند المنن كي الصحيحات وفقء الأعين



وكان الرجل منهم إذا بلغت إبله ألفا فقأ عين الفحل، فإذا زادت على ألف [ ص: 289 ] عموه بالعين الأخرى ويسمونه المفقأ والمعمى، وكي الصحيحات: أن تجرب الإبل فيأخذون الصحيح فيكوونه، قال النابغة:


لحملتني ذنب امرئ وتركته     كذي العر يكوى غيره وهو راتع



التالي السابق


الخدمات العلمية