الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: أنه سمع صوت الأشعري، وهو يقرأ، فقال: "لقد أوتي هذا من مزامير آل داود"   . قال بريدة: فحدثته بذلك، فقال: لو علمت أن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- استمع لقراءتي لحبرتها.

أخبرناه محمد بن هاشم، نا الدبري، عن عبد الرزاق، عن ابن عيينة، عن مالك بن مغول: سمعت عبد الله بن بريدة يحدث عن أبيه.

قوله: آل داود، أراد داود نفسه؛ لأنا لا نعلم أحدا من آله أعطي من حسن الصوت ما أعطيه داود.  

أخبرني أبو رجاء الغنوي، نا أبي، نا عمر بن شبة، قال: سمعت أبا عبيدة معمر بن المثنى وسأله رجل عن رجل وصى لآل فلان: ألفلان نفسه المسمى من هذا شيء؟ قال: نعم، قال الله تعالى: أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ففرعون أولهم، وأنشد:


ولا تبك ميتا بعد ميت أجنه علي وعباس وآل أبي بكر



يريد أبا بكر نفسه.

[ ص: 319 ]

قال عمر بن شبة: وثنا معاذ بن معاذ، ثنا ابن عون، قال: كان الحسن إذا صلى على النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: اللهم اجعل صلواتك وبركاتك على آل أحمد، كما جعلتها على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. يريد بآل أحمد نفسه؛ لأن المفروض من الصلاة ما كان عليه، قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ، وقد يكون آل الرجل أهل بيته الأدنين.

أخبرناه أبو سعيد بن الأعرابي، نا عباس الدوري، نا شاذان، نا شريك، عن الأعمش، عن يزيد، قال: قلت لزيد بن أرقم: من آل محمد؟ قال: آل عباس، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل علي.

قال أبو عبيدة في قوله: وإذ نجيناكم من آل فرعون قال: من أهل دينه، قال: ولا يجوز ذلك إلا في الرئيس الذي الباقون له تبع. قال: وكذلك آل محمد، إنما هم أمته وأهل دينه، قال: فإذا جاوزت هذا، فآل الرجل أهل بيته خاصة.

وقوله: "لحبرتها"  يريد تحسين القراءة، وتحزين الصوت بها. يقال: حبرت الشيء إذا حسنته. وكان طفيل الغنوي في الجاهلية يدعى المحبر لتجويده الشعر وتحسينه إياه.

وأخبرني ابن الفارسي هو محمد بن القاسم بن الحكيم أبو بكر، نا محمد بن يحيى المروزي، نا أبو بلال الأشعري، نا عامر بن سيار، عن يحيى بن أبي كثير في قوله تعالى: في روضة يحبرون ، قال: الحبر: السماع في [ ص: 320 ] الجنة. وقال غيره: "يحبرون" يسرون. والحبرة والحبر: السرور، وأنشد:


الحمد لله الذي أعطى الحبر



التالي السابق


الخدمات العلمية