الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
حديث طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه.

وقال أبو سليمان في حديث طلحة أنه اشترى غلاما بخمس مائة درهم وأعتقه فكتب هذا ما اشترى طلحة بن عبيد الله من فلان بن فلان العبشمي اشترى منه فتاه دينارا بخمس مائة درهم بالحسب والطيب  ودفع إليه الثمن وأعتقه لوجه الله فليس لأحد عليه سبيل إلا سبيل الولاء.

حدثنيه عبد الله بن شاذان الكراني نا عبد الله بن شبيب نا زكريا بن يحيى المنقري نا الأصمعي نا أبو الجراح المهري عن أبي جهضم موسى بن سالم.

قوله بالحسب والطيب معناه أنه بيع رغبة وطيب نفس لا بيع ضغط وإكراه والحسب الكرامة يقال حسبت الرجل أي أكرمته.

أخبرنا ابن الأعرابي نا عباس الدوري أخبرنا يحيى بن معين أخبرنا الأصمعي عن شعبة قال سمعت سمال بن حرب يقول ما حسبوا ضيفهم يريد ما أكرموه.

ومن هذا قولهم رجل حسيب أي كريم والحسب والكرم من قبل النفس والمجد والشرف من قبل الآباء.

وقال بعض أهل اللغة: الحسيب من يحسب لنفسه أفعالا ومآثر جميلة [ ص: 215 ] قال غيره: الحسب أصله الكثرة ومنه اشتق الحساب قال ويقال للجمع الكثير من الناس حساب وأنشد للهذلي يصف رجلا غشيه العدو وهو نائم.


فلم ينتبه حتى أحاط بظهره حساب ورجل كالجراد يسوم

ويقال: أحسبت الرجل إذا أكثرت له من العطاء حتى يقول حسبي قال الشاعر:


ونقفي وليد الحي إن كان جائعا     ونحسبه إن كان ليس بجائع

وقد يجوز أن يكون أراد بقوله بالحسب والطيب إيفاء الثمن، وإعطاءه الكافي من القيمة من غير غبن أو بخس من قولك أحسبت الرجل إذا أتيته بما يكفيه من طعام أو نحوه ويروى مكان قوله بالحسب بالنقد الجيد.

.

وأخبرني أبو عمر أنبأنا أبو العباس عن ابن الأعرابي عن أبي المكارم قال وما رأيت أفصح منه مذ ثلاثين سنة قال جاءنا ضيف في المليساء فقلنا له أتيتنا في المليساء وقد فات الغداء ولم يهيإ العشاء قال فانصرف ثم جاء بالعشي فأدخلناه وحسبناه وأحسبناه وأكثمناه وأوتلناه وكبيناه فلما انصرف نعمناه.

قال أبو عمر قال أبو العباس سألت ابن الأعرابي عن هذا فقال المليساء نصف النهار. وقوله حسبناه أي ألقينا له حسبانة وهي [ ص: 216 ] الوسادة وأحسبناه أتيناه بما يحسبه أي يكفيه وأكثمناه أشبعناه من الطعام وأوتلناه أرويناه من الشراب وكبيناه بخرناه ونعمناه مشينا معه حفاة.

وقال غيره: المليساء: وقت تنقطع فيه الميرة قال وهو شهر بين الصفرية والشتاء. وأنشد لزيد بن كثوة:


أفينا تسوم الساهرية بعدما     بدا لك في شهر المليساء كوكب

ويقال تنعم الرجل إذا مشى حافيا واشتقاقه من نعامة القدم وهى باطنه أي مشى على باطن قدمه. وأنشدني بعض أصحابنا: ابن لنكك أو غيره:


تنعمت لما جاءني سوء فعلهم     ألا إنما البأساء للمتنعم



التالي السابق


الخدمات العلمية