الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
حديث سعيد بن زيد رحمه الله.

وقال أبو سليمان في حديث سعيد أنه قال خرج ورقة بن نوفل وزيد بن عمرو يطلبان الدين حتى مرا بالشام فأما ورقة فتنصر وأما زيد فقيل له إن الذي تطلبه أمامك وسيظهر بأرضك  فأقبل وهو يقول:


لبيك حقا حقا تعبدا ورقا     البر أبغي لا الخال
وهل مهجر كمن قال     أنفي لك عان راغم
مهما تجشمني فإني جاشم

يرويه عبد الله بن رجاء الغداني نا المسعودي عن نفيل بن هشام بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل عن أبيه عن جده.

قوله لبيك معناه إجابة لك وإقامة عندك وأصله من لب الرجل بالمكان وألب به أي أقام قال الشاعر:


لب بأرض ما تخطاها الغيم

[ ص: 227 ] ثم قالوا: لبيت كما قالوا: تظنيت من الظن وأصله تظننت.

وكقولهم تسريت سرية وأصله تسررت من السر وهو النكاح.

قال الأحمر وإنما فعلوا ذلك كراهة أن يجمعوا في الكلمة بين ثلاث ياءات ونونات فأبدلوا من الأخيرة ياء وأنشد أبو عبيدة:


فقلت لها فيئي إليك فإنني     حرام وإني بعد ذاك لبيب

أي ملب.

.

وأخبرني محمد بن نافع نا إسحاق بن أحمد الخزاعي نا أبو الوليد الأزرقي عن جده عن سعيد بن سالم عن ابن جريج عن ابن شهاب قال كانت تلبية قريش وأهل مكة في الجاهلية تلبية إبراهيم خليل الرحمن حتى كان عمرو بن لحي فزاد فيه عند قوله لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك.

قال وتلبية نزار ومضر:


لبيك حقا حقا     تعبدا ورقا
جئناك للنصاحه     لم نأت للرقاحه

وفي رواية أخرى جئناك للرباحه.

قال وتلبية قيس ومن والاها وكان بينها وبين بكر بن عبد مناة بن [ ص: 228 ] كنانة حرب في الجاهلية فكانوا لا يستطيعون أن يدخلوا مكة متفرقين.


والله لولا أن بكرا دونكا     يبرك الناس ويفجرونكا

ما زال منا عثج يأتونكا.

قال وكانت تلبية عك:


أتتك عك عانيه     عبادك ام يمانيه


على قلاص ناجيه

النصاحه إخلاص العمل والناصح الخالص من كل شيء ويقال نصحت العسل إذا صفيتها.

والرباحة الربح يقال ربح وربح ورباح ورباحة.

والرقاحة كسب المال وجمعه والرقاحي التاجر وفلان يرقح معيشته أي يصلحها قال الحارث بن حلزة:


يترك ما رقح من عيشه     يعيث فيه همج هامج

والعثج: جماعة في سفر.

والعانية: الخاضعة الأعناق يقال عنا الرجل يعنو إذا خضع وذل ولذلك قيل للأسير عان.

وقوله عبادك ام يمانيه يريد اليمانية جعل الميم بدلا من اللام، [ ص: 229 ] وهي لغة كقول أبي هريرة طاب ام ضرب يريد طاب الضرب أي حل القتال. والخال الخيلاء قال العجاج:

والخال ثوب من ثياب الجهال

.

يقال خال الرجل يخول إذا اختال قال الشاعر:


فإن كنت سيدنا سدتنا     وإن كنت للخال فاذهب فخل

والتهجير: سير الهاجرة وهو ما بين وقت الزوال إلى قرب العصر يقال: هجر الرجل إذا سار في الهاجرة قال ابن أبي ربيعة:


أمن آل نعم أنت غاد فمبكر     غداة غد أم رائح فمهجر

وقال: من القائلة.

التالي السابق


الخدمات العلمية