الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
حديث عبد الله بن عباس .

وقال أبو سليمان في حديث ابن عباس أنه قال : أعطهم صدقتك ، وإن أتاك أهدل الشفتين منفش المنخرين   .

حدثناه عبد الله بن شاذان الكراني ، نا الساجي ، نا محمد بن موسى الحرشي ، نا عبد ربه بن بارق الحنفي ، سمعت جدي سماك بن الوليد الحنفي يحدث به ، عن ابن عباس . الأهدل : الذي في شفتيه غلظ واسترخاء ، يقال : شفة هدلاء : أي متهدلة ، وقلباء : أي متقلبة ، وقد هدل البعير يهدل هدلا ، ومشفر هدل : أي طويل ، قال ذو الرمة :


على غائرات الطرف هدل المشافر

.

وقال عمرو بن شاس :


وأسيافنا آثارهن كأنها     مشافر قرحى في مباركها هدل



[ ص: 447 ] ويقال : تهدل الغصن إذا أثقله الثمر واسترخي وسقط بعضه على بعض .

.

وأخبرني أبو رجاء الغنوي ، نا أبي ، عن محمد بن عبد العزيز بن عزان الكندي ، قال : كان الأريقط ينشد الحجاج فغضب الحجاج غضبة في بعض أموره فسكت الأريقط ، فقال له الحجاج : خذ فيما كنت فيه ، فقال ما هو إلا أن غضب الأمير فأرعدت فرائصي واهدالت مفاصلي ، وعلمت أن سلطان الله عزيز ، فذهب عني ما كنت فيه .

وقوله : منفش المنخرين ، هو الذي انفتح منخراه مع قصور المارن وانبطاحه ، وهذا من نعت أنوف الزنج والحبش وشفاهها ، وهو تأويل قوله عليه السلام : " اسمعوا وأطيعوا ولو أمر عليكم عبد حبشي مجدع " .

وفيه من الفقه أنه رأى دفع الصدقات إلى الخارجي المتغلب إذا تأمر على الناس ، وأنه إذا أخذه مرة لم يكن لإمام الجماعة أن يعيدها على أهلها ثانية .

التالي السابق


الخدمات العلمية