وإن أشعيا فيما زعمتم : ها هي العذراء تحبل وتلد ابنا يدعى اسمه عمانويل ، وعمانوئيل كلمة عبرانية تفسيرها بالعربية : إلهنا معنا . أوجبتم له الإلهية من قول
فقد شهد له النبي أنه إله .
قيل لكم بعد ثبوت هذا الكلام وتفسيره : لا يدل على أن العذراء ولدت رب العالمين وخالق السماوات والأرضين ، فإنه قال : تلد ابنا وهذا دليل على أنه نبي من جملة النبيين ليس هو رب العالمين .
[ ص: 518 ] وأما قوله : ويدعى اسمه عمانويل فإنما يدل على أنه يسمى بهذا الاسم كما تسمي الناس أبناءهم بأنواع من الصفات والأسماء والأفعال والجمل المركبة من اسمين أو اسم وفعل ، وكثير من أهل الكتاب يسمون أولادهم عمانويل .
ومن علمائكم من يقول : المراد بالعذراء ههنا غير مريم ، ويذكر في ذلك قصة ، ويدل على هذا أن المسيح لا يعرف اسمه عمانويل ، وإن كان ذلك اسمه ، فكونه يسمى " إلهنا معنا " أو " بالله حسبي " ، أو الله وحده ، ونحو ذلك لا يدل على أنه إله .
وقد حرف بعض المثلثة عباد الصليب هذه الكلمة وقال : معناها الله معنا ، فرد عليهم بعض من أنصف من علمائهم وحكم رشده على هواه ، وهداه الله للحق وبصره من عماه ، وقال : ( أهذا هو القائل : أنا الرب ، ولا إله غيري ، وأنا أحيي وأميت وأخلق وأرزق ؟ .
أم هو القائل لله : إنك أنت الإله الحق وحدك الذي أرسلت يوسع المسيح ) .
قال : والأول باطلل ، والثاني هو الذي شهد به الإنجيل ، ويجب تصديق الإنجيل وتكذيب من زعم أن المسيح إله معبود .
قال : وليس المسيح مخصوصا بهذا الاسم ، بل عمانوئيل اسم تسمي به النصارى واليهود أولادها . قال : وهذا موجود في عصرنا هذا ، ومعنى هذه التسمية بينهم شريف القدر .
قال : وكذلك السريان يسمون أولادهم عمانويل والمسلمون وغيرهم يقولون [ ص: 519 ] للرجل : الله معك ، فإذا سمي الرجل بقول : الله معك ، أو : الله معنا ، كان هذا تبركا بمعنى هذه الاسم .