( فصل ) :
وأما فمنها العقل ، ومنها البلوغ ، فلا حد على المجنون والصبي الذي لا يعقل ، ومنها الإسلام فلا حد على الذمي والحربي المستأمن بالشرب ولا بالسكر في ظاهر الرواية ، ومنها عدم الضرورة في شرب الخمر ، فلا حد على من أكره على شرب خمر ولا على من أصابته مخمصة ، وإنما كان كذلك ; لأن الحد عقوبة محضة فتستدعي جناية محضة ، وفعل الصبي والمجنون لا يوصف بالجناية ، وكذا الشرب لضرورة المخمصة ، والإكراه حلال فلم [ ص: 40 ] يكن جناية ، وشرب الخمر مباح لأهل الذمة عند أكثر مشايخنا فلا يكون جناية ، وعند بعضهم وإن كان حراما لكنا نهينا على التعريض لهم وما يدينون وفي إقامة الحد عليهم تعرض لهم من حيث المعنى ; لأنها تمنعهم من الشرب ، وعن شرائط وجوبها أنهم إذا شربوا وسكروا يحدون لأجل السكر لا لأجل الشرب ; لأن السكر حرام في الأديان كلها ، وما قاله الحسن بن زياد حسن . الحسن
ومنها بقاء اسم الخمر للمشروب وقت الشرب في حد الشرب ; لأن وجوب الحد بالشرب تعلق به ، حتى لو خلط الخمر بالماء ، ثم شرب نظر فيه إن كانت الغلبة للماء لا حد عليه ; لأن اسم الخمرية يزول عند غلبة الماء ، وإن كانت الغلبة للخمر أو كانا سواء يحد ; لأن اسم الخمر باق وهي عادة بعض الشربة أنهم يشربونها ممزوجة بالماء ، وكذلك من شرب دردي الخمر لا حد عليه ; لأن دردي الخمر لا يسمى خمرا وإن كان لا يخلو عن أجزاء الخمر .
( فأما ) الذكورة فليست بشرط حتى يجب الحد على الذكر والأنثى .
وأما الحرية فكذلك إلا أن حد الرقيق يكون على النصف من حد الحر ولا حد على من توجد منه رائحة الخمر ; لأن وجود رائحة الخمر لا يدل على شرب الخمر ; لجواز أنه تمضمض بها ولم يشربها ، أو شربها عن إكراه أو مخمصة ، وكذلك من تقيأ خمرا لا حد عليه ; لما قلنا ، والله - سبحانه وتعالى - أعلم وأما والدخن والذرة والعسل والتين والسكر ونحوها ، فلا يجب الحد بشربها ; لأن شربها حلال عندهما ، وعند الأشربة التي تتخذ من الأطعمة كالحنطة والشعير وإن كان حراما لكن هي حرمة محل الاجتهاد ، فلم يكن شربها جناية محضة فلا تتعلق بها عقوبة محضة ولا بالسكر منها ، وهو الصحيح ; لأن الشرب إذا لم يكن حراما أصلا فلا عبرة بنفس السكر كشرب البنج ونحوه ، والله - سبحانه وتعالى - أعلم . محمد