( فصل ) :
وأما ، وهو المكان فنوعان : أحدهما : أن يكون قطع الطريق في دار الإسلام ، فإن كان في دار الحرب لا يجب الحد ; لأن المتولي لإقامة الحد هو الإمام ، وليس له ولاية في دار الحرب فلا يقدر على الإقامة فالسبب حين وجوده لم ينعقد سببا للوجوب ; لعدم الولاية فلا يستوفيه في دار الإسلام ; ولهذا لا يستوفي سائر الحدود في دار الإسلام إذا وجد أسبابها في دار الحرب كذا هذا والثاني : أن يكون في غير مصر فإن كان في مصر لا يجب الحد ، سواء كان القطع نهارا ، أو ليلا ، وسواء كان بسلاح ، أو غيره ، وهذا استحسان ، وهو قولهما ، والقياس أن يجب ، وهو قول الذي يرجع إلى المقطوع فيه . أبي يوسف
( وجه ) القياس : أن سبب الوجوب قد تحقق ، وهو قطع الطريق فيجب الحد كما لو كان في غير مصر .
( وجه ) الاستحسان : أن القطع لا يحصل بدون الانقطاع ، والطريق لا ينقطع في الأمصار ، وفيما بين القرى ; لأن المارة لا تمتنع عن المرور عادة فلم يوجد السبب ، وقيل : إنما أجاب - عليه الرحمة - على ما شاهده في زمانه ; لأن أهل الأمصار كانوا يحملون السلاح فالقطاع ما كانوا يتمكنون من مغالبتهم في المصر ، والآن ترك الناس هذه العادة ; فتمكنهم المغالبة فيجري عليهم الحد ، وعلى هذا قال أبو حنيفة - رحمه الله - فيمن قطع الطريق بين أبو حنيفة الحيرة ، والكوفة : إنه لا يجري عليه الحد ; لأن الغوث كان يلحق هذا الموضع في زمانه ; لاتصاله بالمصر ، والآن صار ملتحقا بالبرية فلا يلحق الغوث ; فيتحقق قطع الطريق .
والثالث : أن يكون بينهم ، وبين المصر مسيرة سفر ، فإن كان أقل من ذلك لم يكونوا قطاع الطريق ، وهذا على قولهما ، فأما على قول فليس بشرط ، ويكونون قطاع الطريق ، والوجه ما بينا فيجب الحد . أبي يوسف
وروي عن في أبي يوسف إن قاتلوا نهارا بسلاح يقام عليهم الحد ، وإن خرجوا بخشب لهم لم يقم عليهم ; لأن السلاح لا يلبث فلا يلحق الغوث ، والخشب يلبث فالغوث يلحق ، وإن قاتلوا ليلا بسلاح ، أو بخشب يقام عليهم الحد ; لأن الغوث قلما يلحق بالليل ; فيستوي فيه السلاح ، وغيره ، والله - سبحانه ، وتعالى - أعلم . قطاع الطريق في المصر