( وأما ) فهو حكم الأمان المعروف وهو أن يأمن الموادعون على أنفسهم وأموالهم ، ونسائهم وذراريهم ; لأنها عقد أمان أيضا ، ولو حكم الموادعة فهؤلاء آمنون لا سبيل لأحد عليهم ; لأن عقد الموادعة أفاد الأمان لهم فلا ينتقض بالخروج إلى موضع آخر ، كما في الأمان المؤبد ، وهو عقد الذمة إنه لا يبطل بدخول الذمي دار الحرب كذا هذا ، وكذلك خرج قوم من الموادعين إلى بلدة أخرى ليست بينهم وبين المسلمين موادعة ، فغزا المسلمون تلك البلدة ، ، فهو آمن ; لأنه لما دخل دار الموادعين بأمانهم صار كواحد من جملتهم فلو لو دخل في دار الموادعة رجل من غير دراهم بأمان ، ثم خرج إلى دار الإسلام بغير أمان كان فيئا ، لنا أن نقتله ونأسره ; لأنه لما رجع إلى داره فقد خرج من أن يكون من أهل دار الموادعة ، فبطل حكم الموادعة في حقه فإذا دخل دار الإسلام ، فهذا حربي دخل دار الإسلام ابتداء بغير أمان ، ولو عاد إلى داره ثم دخل دار الإسلام بغير أمان كان فيئا ، وقد ذكرنا أنه لو دخل إليهم تاجر فهو آمن . أسر واحد من الموادعين أهل دار أخرى فغزا المسلمون على تلك الدار ،
( ووجه ) الفرق أنه لما أسر فقد انقطع حكم دار الموادعة في حقه ، وإذا دخل تاجرا لم ينقطع ، والله - تعالى - أعلم .