الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                من يستحق السهم منه ومن لا يستحق وفي بيان مقدار الاستحقاق .

                                                                                                                                أما الأول فالذي يستحق السهم منها هو الرجل المسلم المقاتل ، وهو أن يكون من أهل القتال ، ودخل دار الحرب على قصد القتال ، وسواء قاتل أو لم يقاتل ; لأن الجهاد والقتال إرهاب العدو ، وذا كما يحصل بمباشرة القتل يحصل بثبات القدم في صف القتال ردا للمقاتلة خشية كر العدو عليهم وكذا روي أن أصحاب بدر كانوا ثلاثا : ثلث في نحر العدو ويقتلون ويأسرون ، وثلث يجمعون الغنائم ، وثلث يكونون ردا لهم خشية كر العدو عليهم .

                                                                                                                                وسواء كان مريضا أو صحيحا ، شابا أو شيخا حرا أو عبدا مأذونا بالقتال ; لأنهم من أهل القتال .

                                                                                                                                ( فأما ) المرأة والصبي العاقل ، والذمي والعبد المحجور ، فليس لهم سهم كامل ; لأنهم ليسوا من أهل القتال ألا ترى أنه لا يجب القتال على الصبي والذمي أصلا ؟ ولا يجب على المرأة والعبد إلا عند الضرورة ؟ وهي ضرورة عموم النفير ، ولذلك لم يستحقوا كمال السهم ، ولكن يرضخ لهم على حسب ما يرى الإمام وكذا روي أنه عليه الصلاة والسلام { كان لا يعطي العبيد والصبيان والنسوان سهما كاملا من الغنائم } .

                                                                                                                                وكذا لا سهم للتاجر ; لأنه لم يدخل الدار على قصد القتال إلا إذا قاتل مع العسكر ، فإنه يستحق ما يستحقه العسكر ; لأنه تبين أنه دخل الدار على قصد القتال فكان مقاتلا ، ولا سهم للأجير لانعدام الدخول على قصد القتال ، فإن قاتل نظر في ذلك إن ترك الخدمة فقد دخل في جملة العسكر ، وإن لم يترك فلا شيء له أصلا ; لأنه إذا لم يترك تبين أنه لم يدخل على قصد القتال والله - سبحانه وتعالى - أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية