هذا إذا كان المقتول أجنبيا ( فأما ) إذا فالقاتل لا يخلو : ( إما ) إن كان قنا ( وإما ) إن كان مدبرا ( وإما ) إن كان أم ولد ( وإما ) إن كان مكاتبا فإن كان قنا فقتل مولاه خطأ - فجنايته هدر ; لأن المولى لا يجب له على عبده دين ، وإن قتله عمدا فعليه القصاص لما مر ، ولو قتله عمدا ، وله وليان فعفا أحدهما حتى سقط القصاص بطلت الجناية ، ولا يجب للذي لم يعف شيء في قولهما . كان مولى القاتل
وقال - رحمه الله - : يقال للذي عفا : إما أن تدفع نصف نصيبك ، وهو ربع العبد إلى الذي لم يعف أو تفديه بربع الدية ( وجه ) قوله أن القصاص كان مشتركا بينهما لكل واحد منهما النصف ، فإذا عفا أحدهما فقد سقط نصف القصاص ، وانقلب نصيب صاحبه ، وهو النصف مالا شائعا في النصفين نصفه ، وهو الربع في نصيبه ونصفه في نصيب الشريك فما كان في نصيبه يسقط ، وما كان في نصيب الشريك يثبت ( وجه ) قولهما أن الدية إما أن تجب حقا للمولى ، والوارث يقوم مقامه في استيفاء حق وجب له ، وإما أن تجب حقا للورثة بانتقال الملك إليهم بطريق الوراثة . أبو يوسف
وكيف ما كان فالمولى لا يجب له على عبده دين ، وإن كان مدبرا فقتل مولاه خطأ فجنايته هدر ، وعليه السعاية في قيمته ; لأنه لو وجبت الدية لوجبت على المولى ; لأنه لو جنى على أجنبي لوجبت الدية عليه فههنا أولى ، ولا سبيل إلى الإيجاب له ، وعليه إلا أنه يسعى في قيمة نفسه ; لأن العتق يثبت بطريق الوصية .
ألا ترى أنه يعتبر من الثلث ؟ ، والوصية لا تسلم للقاتل إلا أن العتق بعد وقوعه لا يحتمل الفسخ فوجب عليه قيمة نفسه ، ولو قتله عمدا فعليه القصاص ، ويسعى في قيمته لما قلنا ، وورثته بالخيار إن شاءوا عجلوا استيفاء القصاص ، وبطلت السعاية ، وإن شاءوا استوفوا السعاية ثم قتلوه قصاصا ; لأنهما حقان ثبتا لهم ، واختيار السعاية لا يكون مسقطا للقصاص ; لأن السعاية ليست بعوض عن المقتول بل هي بدل عن الرق ، ولو كان للمولى وليان عفا أحدهما - ينقلب نصيب الآخر مالا بخلاف القن ; لأن هناك لا يمكن إيجاب الضمان ; لأنه لو وجب لوجب للمولى على عبده ، وليس يجب للمولى على عبده دين ، وههنا يمكن ; لأن المدبر يعتق بموت سيده فيسعى ، وهو حر فلم يكن في إيجاب الدية عليه إيجاب الدين للمولى على عبده فهو الفرق وإن كان فحكمها حكم المدبر ، وإنما يختلفان في السعاية فأم الولد لا سعاية عليها ، والمدبر يسعى في قيمته ; لأن العتق هناك يثبت بطريق الوصية ، وعتق أم الولد ليس بوصية حتى لا يعتبر من الثلث ، ولو أم ولد فقتلت مولاها خطأ أو عمدا سعت في نصف قيمتها للذي لم يعف ; لأن القصاص قد سقط بعفو أحدهما ، وانقلب نصيب الآخر مالا ، وإنما وجب عليها السعاية في نصف قيمتها لا في نصف الدية ، وإن كانت هي حرة وقت وجوب السعاية لأنها عتقت بموت سيدها [ ص: 271 ] وتسعى ، وهي حرة ; لأنها كانت مملوكة وقت الجناية فيجب اعتبار الحالين حال وجود الجناية ، وحال وجوب السعاية ، ولو كانت مملوكة في الحالين بأن قتلت أجنبيا خطأ لوجبت القيمة . قتلت أم الولد مولاها عمدا ، وله ابنان من غيرها فعفا أحدهما
وكانت على المولى لا عليها ، فإن كانت مملوكة حال الجناية حرة حال السعاية اعتبرنا بالحالين فأوجبنا نصف القيمة اعتبارا إلى وجود الجناية .
وأوجدنا ذلك عليها لا على المولى اعتبارا بحال وجوب السعاية اعتبارا للحالين بقدر الإمكان ، ولو كان أحد الابنين منها لا يجب القصاص عليها ، وسعت في جميع قيمتها أما عدم وجوب القصاص - فلأنه لو وجب لوجب مشتركا بينهما ، ولا يمكن الإيجاب في نصيب ولدها ; إذ لا يجب للولد على أمه قصاص لتعذر الاستيفاء احتراما للأم ( وأما ) لزوم السعاية فلأن القصاص سقط للتعذر ، ولا تعذر في القيمة فتسعى في جميع قيمتها ، وتكون بينهما ، وإن كان مكاتبا فقتل مولاه خطأ فعليه الأقل من قيمته أو الدية ; لازمة كجناية مولاه عليه ; لأنه فيما يرجع إلى إكسابه ، وأرش جناياته كالأجنبي ; لأنه أحق بإكسابه من المولى ، وتجب القيمة حالة ; لأنها تجب بالمنع من الدفع فتكون حالة كما تجب على المولى بجناية مدبره ، وإن كان عمدا فعليه القصاص ، والله - سبحانه وتعالى - أعلم . لأن جناية المكاتب على مولاه
( هذا ) إذا كان القاتل والمقتول حرين أو كان القاتل حرا والمقتول عبدا أو كان القاتل عبدا والمقتول حرا .