الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولو قطع أصبع رجل من مفصل ثم قطع أصبع رجل آخر من مفصلين ثم قطع أصبع آخر كلها ، وذلك كله في أصبع واحدة فهو على التفصيل الذي ذكرنا أن الأمر لا يخلو ( إما ) إن جاءوا جميعا يطلبون القصاص ، وإما إن جاءوا متفرقين : فإن جاءوا جميعا يبدأ بقطع المفصل الأعلى لصاحب الأعلى ثم يخير صاحب المفصلين فإن شاء استوفى الأوسط بحقه كله ، ولا شيء له من الأرش ، وإن شاء أخذ ثلثي دية أصبعه من ماله ثم يخير صاحب الأصبع فإن شاء أخذ ما بقي بأصبعه ، وإن شاء أخذ دية أصبعه من مال الذي قطعها ، وإنما كان كذلك لما بينا أن حق كل واحد منهما في مثل ما قطع منه فيجب إيفاء حقوقهم بقدر الإمكان ، وذلك في البداية بما لا يسقط حق بعضهم ، وهو أن يبدأ بقطع المفصل الأعلى لصاحب الأعلى ; لأن البداية لا تبطل حق الباقين في القصاص أصلا لإمكان استيفاء حقيهما مع النقصان ، وفي البداية بالقصاص في الأصبع إبطال حق الباقين أصلا ، ورب رجل يختار القصاص - وإن كان ناقصا - تشفيا للصدر ، وإذا قطع منه المفصل الأعلى لصاحب الأعلى يخير الباقيان ; لأن كل واحد منهما وجد حقه ناقصا لحدوث العيب بالطرف .

                                                                                                                                وإن جاءوا متفرقين فإن جاء صاحب الأصبع أولا تقطع له الأصبع لما ذكرنا في المسألة المتقدمة ، فإذا جاء الباقيان بعد ذلك يقضى لهما بالأرش ، لصاحب المفصل الأعلى ثلث دية الأصبع ، ولصاحب المفصلين ثلثا دية الأصبع لما قلنا .

                                                                                                                                وإن جاء صاحب المفصلين أولا يقطع له المفصلان لما ذكرنا في المسألة المتقدمة ، ويقضى لصاحب المفصل الأعلى بالأرش لما مر ، وصاحب الأصبع بالخيار إن شاء أخذ ما بقي واستوفى حقه ناقصا ، وإن شاء أخذ دية الأصبع لما مر .

                                                                                                                                وإن جاء صاحب الأعلى أولا فهو كما إذا جاءوا معا ، وقد ذكرنا حكمه ، والله سبحانه وتعالى أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية