الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولو قطع أصبع يد رجل عمدا ، وقطع آخر يده من الزند فمات فالقصاص على الثاني في قول أصحابنا الثلاثة - رحمهم الله .

                                                                                                                                وقال زفر - رحمه الله : عليهما جميعا ، وبه أخذ الشافعي ( وجه ) قول زفر أن السراية باعتبار الألم ، والقطع الأول اتصل ألمه بالنفس ، وتكامل بالثاني فكانت السراية مضافة إلى الفعلين فيجب القصاص عليهما .

                                                                                                                                ( ولنا ) أن السراية باعتبار الآلام المترادفة التي لا تتحملها النفس إلى أن يموت ، وقطع اليد يمنع وصول الألم من الأصبع إلى النفس فكان قطعا للسراية فبقيت السراية مضافة إلى قطع اليد ، وصار كما لو قطع الأصبع فبرئت ثم قطع آخر يده فمات ، وهناك القصاص على الثاني ، كذا هذا بل أولى ; لأن القطع في المنع من الأثر ، وهو وصول الألم إلى النفس فوق البرء إذ البرء يحتمل الانتقاص ، والقطع لا يحتمل ثم زوال الأثر بالبرء يقطع السراية فزواله بالقطع كان أولى وأحرى ولو جنى على ما دون النفس فسرى فالسراية لا تخلو إما إن كانت إلى النفس ، وإما إن كانت إلى عضو آخر فإن كانت إلى النفس فالجاني لا يخلو إما أن كان متعديا في الجناية وإما إن لم يكن فإن كان متعديا في الجناية والجناية بحديد أو بخشبة تعمل عمل السلاح فمات من ذلك فعليه القصاص سواء كانت الجناية مما توجب القصاص لو برئت أو لا توجب ، كما إذا قطع يد إنسان من الزند أو من الساعد أو شجه موضحة أو آمة أو جائفة أو أبان طرفا من أطرافه أو جرحه جراحة مطلقة فمات من ذلك فعليه القصاص لأنه لما سرى بطل حكم ما دون النفس ، وتبين أنه وقع قتلا من حين وجوده ، وللولي أن يقتله ، وليس له أن يفعل به مثل ما فعل حتى لو كان قطع يده ليس له أن يقطع يده عندنا ، وعند الشافعي - رحمه الله - أنه يفعل به مثل ما فعل فإن مات من ذلك وإلا قتله .

                                                                                                                                وكذلك إذا قطع رجل يد رجل ورجليه فمات من ذلك تحز رقبته عندنا ، وعنده يفعل به مثل ما فعل ، وقد ذكرنا المسألة فيما تقدم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية