( فأما ) فإنها لا تخلو من أحد وجهين : ( إما ) إن كانت كلها في الثلث لم يجاوز واحدة منها قدر الثلث . إذا كانت كلها للعباد
( وإما ) إن جاوزت ، فإن لم تجاوز بأن أوصى لإنسان بثلث ماله ، ولآخر بالربع ، ولآخر بالسدس فإنهم يتضاربون في الثلث بقدر حقوقهم فيضرب صاحب الثلث بثلث الثلث .
وصاحب الربع بربع الثلث ، وصاحب السدس بسدس الثلث فيضرب كل واحد منهم بقدر فريضته من الثلث فلا يقدم بعضهم على بعض إلا إذا كان مع هذه الوصايا أحد الأشياء الثلاثة : الإعتاق المنجز في المرض ، أو المعلق بالموت في المرض أو في الصحة ، وهو التدبير أو البيع بالمحاباة بما لا يتغابن الناس فيه في المرض فيقدم هو على سائر الوصايا التي هي للعباد كما يقدم على الوصايا بالقرب فيبدأ بذلك قبل كل وصية ثم يتضارب أهل الوصايا فيما يبقى من الثلث ، ويكون بينهم على قدر وصاياهم .
وإنما قلنا إنه لا يقدم البعض على البعض في غير المواضع المستثناة ; لأن تقديم البعض على البعض يستدعي وجود المرجح ، ولم يوجد ; لأن الوصايا كلها استوت في سبب الاستحقاق ; لأن سبب استحقاق كل واحد منهم مثل سبب صاحبه ، والاستواء في السبب يوجب الاستواء في الحكم ، ولا استواء في سبب الاستحقاق في مواضع الاستثناء ; لأن الإعتاق المنجز ، والمعلق بالموت لا يحتمل الفسخ ، والمحاباة تستحق بعقد ضمان ، وهو البيع ; إذ هو عقد معاوضة فكان البيع مضمونا بالثمن ، والوصية تبرع فكانت المحاباة المتعلقة بعقد الضمان أقوى فكانت أولى بالتقديم .