ولو كان جميع الثلث له ; لأنه جعل عمرا ، وحمادا بدلين عن قوله ابني فلان ، كما يقال : جاءني أخوك عمرو ، والبدل عند أهل النحو : هو الإعراض عن قوله الأول ، والأخذ بالثاني ، فكان المعتبر هو الثاني ، والأول يلغو ، كما إذا قلت : جاءني أخوك زيد يصير كأنك قلت جاءني زيد ، واعتمدت عليه ، وأعرضت [ ص: 382 ] عن قولك : أخوك إلى هذا ذهب الأئمة من النحويين وهذا قول قال : قد أوصيت بثلث مالي لابني فلان عمرو وحماد ، فإذا ليس له إلا عمرو وإذا كان كذلك صار الموصي معتمدا على قوله : عمرو ، وحماد ، معرضا عن قوله : ابني فلان ، فصار كأنه قال : أوصيت بثلث مالي لعمرو ، وحماد ، وحماد ليس بموجود ، ولو كان كذلك لصرف كل الثلث إلى عمر وكذا ههنا ، والإشكال على هذا أن قوله : عمرو ، وحماد ، كما يصلح أن يكون بدلا عن قوله : ابني فلان ، يصلح أن يكون عطف بيان ، والمعتبر في عطف البيان : المذكور أولا ، والثاني يذكر لإزالة الجهالة عن الأول ، كما في قول القائل جاءني أخوك زيد إذا كان في إخوته كثرة - كان زيد مذكورا بطريق عطف البيان لإزالة الجهالة المتمكنة في قوله : أخوك لكثرة الإخوة بمنزلة النعت ، وإذا كان المعتبر هو المذكور أولا ، وهو قوله : ابني فلان ، فإذا لم يكن لفلان إلا ابن ، واحد ، وهو عمرو ، فينبغي أن لا يكون له إلا نصف الثلث ، والجواب : نعم ، هذا الكلام يصلح لهما جميعا لكن الحمل على ما قلنا أولى ; لأن فيه تصحيح جميع تصرفه ، وهو تمليكه جميع الثلث ، وأنه أوصى بتمليك جميع الثلث ، وفي الحمل على عطف البيان : إثبات تمليك النصف ، فكان ما قلناه أولى على أن من شرط عطف البيان : أن يكون الثاني معلوما ، كما في قول القائل جاءني أخوك زيد كان زيد معلوما ، فزال به وصف الجهالة المعترضة في قوله : أخوك بسبب كثرة الإخوة ، وفي مسألتنا : الثاني غير معلوم ; لأن اسم حماد ليس له مسمى موجود له ليكون معلوما ، فيحصل به بإزالة الجهالة فتعذر حمله على عطف البيان فيجعل بدلا للضرورة . سيبويه