( فصل ) :
وأما بيان فنقول ما يظهر به الإذن بالتجارة نوعان : أحدهما من جهة المولى والثاني من جهة العبد ، أما الذي من جهة المولى فهو تشهيره الإذن وإشاعته بأن ينادي أهل السوق : إني قد أذنت لعبدي فلانا بالتجارة فبايعوه ، وهو المسمى بالإذن العام . ما يظهر به الإذن بالتجارة
وأما الذي من جهة العبد فهو إخباره عن كونه مأذونا بالتجارة بأن لم يكن الإذن من المولى عاما أو قدم مصرا لم يشتهر فيه إذن المولى فقال : إن مولاي أذن لي في التجارة ، والإذن بالتجارة يظهر بكل واحد من النوعين .
أما الأول فلا شك فيه لحصول العلم للسامعين بحس السمع من الإذن ولغير السامعين بالنقل بطريق التواتر .
وأما الثاني فلأن خبر الواحد مقبول في المعاملات ، ولا يشترط فيه العدد ولا العدالة ألا ترى أنه لو جاء عبد أو أمة إلى إنسان فقال : هذه هدية بعثني بها مولاي إليك جاز له القبول كذا هذا وهذا ; لأن هذه المعاملات في العادات يتعاطاها العبيد والخدم ، والفسق فيهم غالب فلو لم يقبل خبرهم فيها لوقع الناس في الحرج ، وإذا قبل خبره ظهر الإذن فيسع الناس أن يعاملوه غير أنهم إن بنوا معاملاتهم على الإذن العام فعاملوه ، فلحقه دين يباع فيه كسبه ورقبته بدين التجارة ، وإن عاملوه بناء على إخباره فلحقه دين يباع كسبه بالدين ولا تباع رقبته ما لم يحضر المولى فيقر بإذنه ، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب .