باب الثاء مع الواو
( ثوب ) ( هـ ) فيه : التثويب هاهنا : إقامة الصلاة . والأصل في التثويب : أن يجيء الرجل مستصرخا فيلوح بثوبه ليرى ويشتهر ، فسمي الدعاء تثويبا لذلك . وكل داع مثوب . وقيل إنما سمي تثويبا من ثاب يثوب إذا رجع ، [ ص: 227 ] فهو رجوع إلى الأمر بالمبادرة إلى الصلاة ، وأن المؤذن إذا قال حي على الصلاة فقد دعاهم إليها ، وإذا قال بعدها الصلاة خير من النوم فقد رجع إلى كلام معناه المبادرة إليها . إذا ثوب بالصلاة فائتوها وعليكم السكينة
( هـ ) ومنه حديث بلال : " قال : " وهو قوله : الصلاة خير من النوم ، مرتين . أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أثوب في شيء من الصلاة إلا في صلاة الفجر
( هـ ) ومنه حديث رضي الله عنها : " قالت أم سلمة لعائشة : إن عمود الدين لا يثاب بالنساء إن مال " أي لا يعاد إلى استوائه ، من ثاب يثوب إذا رجع .
* ومنه حديث عائشة رضي الله عنها : " " أي يرجعون . فجعل الناس يثوبون إلى النبي صلى الله عليه وسلم
( هـ ) وفي حديث عمر رضي الله عنه : " لا أعرفن أحدا انتقص من سبل الناس إلى مثاباته شيئا " المثابات : جمع مثابة وهي المنزل ; لأن أهله يثوبون إليه : أي يرجعون . * ومنه قوله تعالى : وإذ جعلنا البيت مثابة للناس أي مرجعا ومجتمعا . وأراد عمر : لا أعرفن أحدا اقتطع شيئا من طرق المسلمين وأدخله داره .
* ومنه حديث عائشة رضي الله عنها ، وقولها في : " ألي كان يستجم مثابة سفهه ؟ " . الأحنف
* وحديث رضي الله عنه : " قيل له في مرضه الذي مات فيه : كيف تجدك ؟ قال : أجدني أذوب ولا أثوب " أي أضعف ولا أرجع إلى الصحة . عمرو بن العاص
* وفي حديث : ابن التيهان أي جازوه على صنيعه . يقال : أثابه يثيبه إثابة ، والاسم الثواب ، ويكون في الخير والشر ، إلا أنه بالخير أخص وأكثر استعمالا . أثيبوا أخاكم
( ه س ) وفي حديث الخدري : قال لما حضره الموت دعا بثياب جدد فلبسها ، ثم ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن الميت يبعث في ثيابه التي يموت فيها الخطابي : أما أبو سعيد فقد استعمل الحديث على ظاهره ، وقد روي في تحسين الكفن أحاديث ، قال وقد تأوله بعض العلماء على المعنى ، وأراد به الحالة التي يموت عليها من الخير والشر ، وعمله الذي يختم له به . يقال فلان طاهر الثياب : إذا وصفوه بطهارة النفس والبراءة من العيب . وجاء في تفسير قوله تعالى : وثيابك فطهر [ ص: 228 ] أي عملك فأصلح . ويقال فلان دنس الثياب إذا كان خبيث الفعل والمذهب . وهذا كالحديث الآخر يبعث العبد على ما مات عليه قال الهروي : وليس قول من ذهب به إلى الأكفان بشيء ، لأن الإنسان إنما يكفن بعد الموت .
( س ) وفيه : أي يشمله بالذل كما يشمل الثوب البدن ، بأن يصغره في العيون ويحقره في القلوب . من لبس ثوب شهرة ألبسه الله ثوب مذلة
( س ) وفيه : المشكل من هذا الحديث تثنية الثوب ، قال المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور الأزهري : معناه أن الرجل يجعل لقميصه كمين ، أحدهما فوق الآخر ليري أن عليه قميصين ، وهما واحد . وهذا إنما يكون فيه أحد الثوبين زورا لا الثوبان . وقيل : معناه أن العرب أكثر ما كانت تلبس عند الجدة والقدرة إزارا ورداء ، ولهذا حين وفسره سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في الثوب الواحد قال : أوكلكم يجد ثوبين ؟ عمر رضي الله عنه بإزار ورداء ، وإزار وقميص وغير ذلك . وروي عن قال : سألت إسحاق بن راهويه أبا الغمر الأعرابي - وهو ابن ابنة ذي الرمة - عن تفسير ذلك فقال : كانت العرب إذا اجتمعوا في المحافل كانت لهم جماعة يلبس أحدهم ثوبين حسنين ، فإن احتاجوا إلى شهادة شهد لهم بزور ، فيمضون شهادته بثوبيه . يقولون : ما أحسن ثيابه ؟ وما أحسن هيئته ؟ فيجيزون شهادته لذلك ، والأحسن فيه أن يقال : المتشبع بما لم يعط : هو أن يقول أعطيت كذا ، لشيء لم يعطه ، فأما أنه يتصف بصفات ليست فيه ، يريد أن الله منحه إياها ، أو يريد أن بعض الناس وصله بشيء خصه به ، فيكون بهذا القول قد جمع بين كذبين : أحدهما اتصافه بما ليس فيه وأخذه ما لم يأخذه ، والآخر الكذب على المعطي وهو الله تعالى أو الناس . وأراد بثوبي الزور هذين الحالين اللذين ارتكبهما واتصف بهما . وقد سبق أن الثوب يطلق على الصفة المحمودة والمذمومة ، وحينئذ يصح التشبيه في التثنية ، لأنه شبه اثنين باثنين . والله أعلم .