جوب : في أسماء الله المجيب ، وهو الذي يقابل الدعاء والسؤال بالعطاء والقبول ، سبحانه وتعالى ، وهو اسم فاعل من " أجاب يجيب " . والجواب معروف : رديد الكلام ، والفعل : أجاب يجيب . قال الله تعالى : فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي ; أي : فليجيبوني . وقال الفراء : يقال : إنها التلبية ، والمصدر : الإجابة ، والاسم الجابة ، بمنزلة الطاعة والطاقة . والإجابة : رجع الكلام ، تقول : أجابه عن سؤاله ، وقد أجابه إجابة وإجابا وجوابا وجابة واستجوبه واستجابه واستجاب له . قال كعب بن سعد الغنوي يرثي أخاه أبا المغوار :
وداع دعا يا من يجيب إلى الندى فلم يستجبه عند ذاك مجيب فقلت ادع أخرى وارفع الصوت رفعة
لعل أبا المغوار منك قريب
ومما زادني فاهتجت شوقا غناء حمامتين تجاوبان
تجاوبتا بلحن أعجمي على غصنين من غرب وبان
تنادوا بأعلى سحرة وتجاوبت هوادر في حافاتهم وصهيل
كأن رجليه رجلا مقطف عجل إذا تجاوب من برديه ترنيم
واجتاب قيظا يلتظي التظاؤه
وفي حديث أبي بكر - رضي الله عنه - قال للأنصار يوم السقيفة : إنما جيبت العرب عنا كما جيبت الرحى عن قطبها ؛ أي : خرقت العرب عنا ، فكنا وسطا ، وكانت العرب حوالينا كالرحى ، وقطبها : الذي تدور عليه . وانجاب عنه الظلام : انشق . وانجابت الأرض : انخرقت . والجوائب : الأخبار الطارئة ; لأنها تجوب البلاد . تقول : هل جاءكم من جائبة خبر ؟ أي : من طريقة خارقة ، أو خبر يجوب الأرض من بلد إلى بلد ، حكاه ثعلب بالإضافة . وقال الشاعر :
يتنازعون جوائب الأمثال
يعني سوائر تجوب البلاد . والجابة : المدرى من الظباء ، حين جاب قرنها ؛ أي : قطع اللحم وطلع . وقيل : هي الملساء اللينة القرن ; فإن كان على ذلك ، فليس لها اشتقاق . التهذيب عن أبي عبيدة : جابة المدرى من الظباء ، غير مهموز ، حين طلع قرنه . شمر : جابة المدرى ؛ أي : جائبته حين جاب قرنها الجلد ، فطلع ، وهو غير مهموز . وجبت القميص : قورت جيبه أجوبه وأجيبه . وقال شمر : جبته وجبته . قال الراجز :
[ ص: 232 ]
باتت تجيب أدعج الظلام جيب البيطر مدرع الهمام
فبتلك إذ رقص اللوامع بالضحى واجتاب أردية السراب إكامها
أقضي اللبانة لا أفرط ريبة أو أن يلوم بحاجة لوامها
تجتاب أصلا قائما متنبذا بعجوب أنقاء يميل هيامها
تحسرت عقة عنها فأنسلها واجتاب أخرى جديدا بعدما ابتقلا
حتى إذا ضوء القمير جوبا ليلا كأثناء السدوس غيهبا
فأجازني منه بطرس ناطق وبكل أطلس جوبه في المنكب
كالجوب أذكى جمره الصنوبر
وجابان : اسم رجل ، ألفه منقلبة عن واو ، كأنه جوبان ، فقلبت الواو قلبا لغير علة ، وإنما قيل فيه : إنه فعلان ، ولم يقل إنه فاعال ، من ( ج ب ن ) لقول الشاعر :
عشيت جابان حتى استد مغرضه وكاد يهلك لولا أنه اطافا
قولا لجابان فليلحق بطيته نوم الضحى بعد نوم الليل إسراف
جوبين من هماهم الأغوال
أي تسمع ضربين من أصوات الغيلان . وفي صفة نهر الجنة : . وجاء في معالم السنن : المجيب أو المجوب ، بالباء فيهما على الشك ، وأصله : من جبت الشيء إذا قطعته ، وسنذكره أيضا في " جيب " . والجابتان : موضعان . قال حافتاه الياقوت المجيب أبو صخر الهذلي :
لمن الديار تلوح كالوشم بالجابتين فروضة الحزم
ألا إن خير الناس بعد ثلاثة قتيل التجوبي الذي جاء من مصر
قتيل التجيبي الذي جاء من مصر
وإنما غلطه في ذلك أنه ظن أن الثلاثة أبو بكر وعمر وعثمان - رضوان الله عليهم - فظن أنه في علي - رضي الله عنه - فقال " التجوبي " بالواو ، وإنما الثلاثة : سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - و أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - لأن الوليد رثى بهذا الشعر - رضي الله عنه - وقاتله عثمان بن عفان كنانة بن بشر التجيبي ، وأما قاتل علي - رضي الله عنه - فهو التجوبي ; ورأيت في حاشية ما مثاله : أنشد أبو عبيد البكري - رحمه الله - في كتابه " فصل المقال في شرح كتاب الأمثال " هذا البيت الذي هو :
[ ص: 233 ]
ألا إن خير الناس بعد ثلاثة
لنائلة بنت الفرافصة بن الأحوص الكلبية زوج عثمان - رضي الله عنه - ترثيه ، وبعده :
وما لي لا أبكي وتبكي قرابتي وقد حجبت عنا فضول أبي عمرو