الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ جلب ]

                                                          جلب : الجلب : سوق الشيء من موضع إلى آخر . جلبه يجلبه ويجلبه جلبا وجلبا واجتلبه وجلبت الشيء إلى نفسي واجتلبته ، بمعنى . وقوله أنشده ابن الأعرابي :


                                                          يا أيها الزاعم أني أجتلب

                                                          فسره فقال : معناه أجتلب شعري من غيري أي : أسوقه وأستمده . ويقوي ذلك قول جرير :


                                                          ألم تعلم مسرحي القوافي     فلا عيا بهن ولا اجتلابا

                                                          أي : لا أعيا بالقوافي ولا اجتلبهن ممن سواي ، بل أنا غني بما لدي منها . وقد انجلب الشيء واستجلب الشيء : طلب أن يجلب إليه . والجلب والأجلاب : الذين يجلبون الإبل والغنم للبيع . والجلب : ما جلب من خيل وإبل ومتاع . وفي المثل : النفاض يقطر الجلب أي : أنه إذا أنفض القوم ، أي : نفدت أزوادهم قطروا إبلهم للبيع . والجمع : أجلاب . الليث : الجلب : ما جلب القوم من غنم أو سبي والفعل يجلبون ، ويقال : جلبت الشيء جلبا والمجلوب أيضا : جلب . والجليب : الذي يجلب من بلد إلى غيره . وعبد جليب والجمع جلبى وجلباء كما [ ص: 168 ] قالوا : قتلى وقتلاء . وقال اللحياني : امرأة جليب في نسوة جلبى وجلائب . والجليبة والجلوبة ما جلب . قال قيس بن الخطيم :


                                                          فليت سويدا راء من فر منهم     ومن خر إذ يحدونهم كالجلائب

                                                          ويروى : إذ نحدو بهم . والجلوبة : ما يجلب للبيع نحو الناب والفحل والقلوص ، فأما كرام الإبل الفحولة التي تنتسل فليست من الجلوبة . ويقال لصاحب الإبل : هل لك في إبلك جلوبة ؟ يعني شيئا جلبته للبيع . وفي حديث سالم : قدم أعرابي بجلوبة ، فنزل على طلحة ، فقال طلحة : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبيع حاضر لباد . قال : الجلوبة - بالفتح - ما يجلب للبيع من كل شيء ، والجمع الجلائب ; وقيل : الجلائب الإبل التي تجلب إلى الرجل النازل على الماء ليس له ما يحتمل عليه فيحملونه عليها . قال : والمراد في الحديث الأول كأنه أراد أن يبيعها له طلحة . قال ابن الأثير : هكذا جاء في كتاب أبي موسى في حرف الجيم . قال : والذي قرأناه في سنن أبي داود : بحلوبة ، وهي الناقة التي تحلب . والجلوبة : الإبل يحمل عليها متاع القوم ، الواحد والجمع فيه سواء ، وجلوبة الإبل : ذكورها . وأجلب الرجل إذا نتجت ناقته سقبا . وأجلب الرجل : نتجت إبله ذكورا ; لأنه تجلب أولادها ، فتباع ، وأحلب بالحاء إذا نتجت إبله إناثا . يقال للمنتج : أأجلبت أم أحلبت ؟ أي : أولدت إبلك جلوبة أم ولدت حلوبة ؟ وهي الإناث . ويدعو الرجل على صاحبه فيقول : أجلبت ولا أحلبت ، أي : كان نتاج إبلك ذكورا لا إناثا ليذهب لبنه . وجلب لأهله يجلب وأجلب : كسب وطلب واحتال ; عن اللحياني . والجلب والجلبة : الأصوات . وقيل : هو اختلاط الصوت . وقد جلب القوم يجلبون ويجلبون وأجلبوا وجلبوا . والجلب : الجلبة في جماعة الناس ، والفعل أجلبوا وجلبوا ، من الصياح . وفي حديث الزبير : أن أمه صفية قالت : أضربه كي يلب ويقود الجيش ذا الجلب ، هو جمع جلبة ، وهي الأصوات . ابن السكيت يقال : هم يجلبون عليه ويحلبون عليه ، بمعنى واحد أي : يعينون عليه . وفي حديث علي - رضي الله تعالى عنه - : أراد أن يغالط بما أجلب فيه . يقال أجلبوا عليه إذا تجمعوا وتألبوا . وأجلبه : أعانه . وأجلب عليه إذا صاح به واستحثه . وجلب على الفرس وأجلب وجلب يجلب جلبا ، قليلة : زجره . وقيل : هو إذا ركب فرسا وقاد خلفه آخر يستحثه وذلك في الرهان . وقيل : هو إذا صاح به من خلفه واستحثه للسبق . وقيل : هو أن يركب فرسه رجلا ، فإذا قرب من الغاية تبع فرسه ، فجلب عليه وصاح به ليكون هو السابق ، وهو ضرب من الخديعة . وفي الحديث : لا جلب ولا جنب . فالجلب : أن يتخلف الفرس في السباق فيحرك وراءه الشيء يستحث فيسبق . والجنب : أن يجنب مع الفرس الذي يسابق به فرس آخر فيرسل حتى إذا دنا تحول راكبه على الفرس المجنوب فأخذ السبق . وقيل الجلب : أن يرسل في الحلبة ، فتجتمع له جماعة تصيح به ليرد عن وجهه . والجنب : أن يجنب فرس جام فيرسل من دون الميطان ، وهو الموضع الذي ترسل فيه الخيل ، وهو مرح ، والأخر معايا . وزعم قوم أنها في الصدقة ، فالجنب : أن تأخذ شاء هذا ، ولم تحل فيها الصدقة ، فتجنبها إلى شاء هذا حتى تأخذ منها الصدقة . وقال أبو عبيد : الجلب في شيئين ، يكون في سباق الخيل ، وهو أن يتبع الرجل فرسه فيزجره ويجلب عليه أو يصيح حثا له ، ففي ذلك معونة للفرس على الجري . فنهي عن ذلك . والوجه الآخر في الصدقة أن يقدم المصدق على أهل الزكاة فينزل موضعا ثم يرسل إليهم من يجلب إليه الأموال من أماكنها ليأخذ صدقاتها ، فنهي عن ذلك وأمر أن يأخذ صدقاتهم من أماكنهم وعلى مياههم وبأفنيتهم . وقيل : قوله ولا جلب أي : لا تجلب إلى المياه ولا إلى الأمصار ، ولكن يتصدق بها في مراعيها . وفي الصحاح : والجلب الذي جاء النهي عنه هو أن لا يأتي المصدق القوم في مياههم لأخذ الصدقات ، ولكن يأمرهم بجلب نعمهم إليه . وقوله في حديث العقبة : إنكم تبايعون محمدا على أن تحاربوا العرب والعجم مجلبة أي : مجتمعين على الحرب . قال ابن الأثير : هكذا جاء في بعض الطرق بالباء . قال : والرواية - بالياء - تحتها نقطتان ، وهو مذكور في موضعه . ورعد مجلب : مصوت . وغيث مجلب : كذلك . قال :


                                                          خفاهن من أنفاقهن كأنما     خفاهن ودق من عشي مجلب

                                                          وقول صخر الغي :


                                                          بحية قفر في وجار مقيمة     تنمى بها سوق المنى والجوالب

                                                          أراد ساقتها جوالب القدر ، واحدتها جالبة . وامرأة جلابة ومجلبة وجلبانة وجلبانة وجلبنانة وجلبنانة وتكلابة : مصوتة صخابة ، كثيرة الكلام ، سيئة الخلق ، صاحبة جلبة ومكالبة . وقيل : الجلبانة من النساء : الجافية الغليظة ، كأن عليها جلبة أي : قشرة غليظة ، وعامة هذه اللغات عن الفارسي . وأنشد لحميد بن ثور :


                                                          جلبنانة ورهاء تخصي حمارها     بفي من بغى خيرا إليها الجلامد

                                                          قال : وأما يعقوب فإنه روى جلبانة ، قال ابن جني : ليست لام جلبانة بدلا من راء جربانة ، يدلك على ذلك وجودك لكل واحد منهما أصلا ومتصرفا واشتقاقا صحيحا ، فأما جلبانة فمن الجلبة والصياح ; لأنها الصخابة . وأما جربانة فمن جرب الأمور وتصرف فيها ، ألا تراهم قالوا : تخصي حمارها ، فإذا بلغت المرأة من البذلة والحنكة إلى خصاء عيرها ، فناهيك بها في التجربة والدربة ، وهذا وفق الصخب والضجر ; لأنه ضد الحياء والخفر . ورجل جلبان وجلبان : ذو جلبة . وفي الحديث : لا تدخل مكة إلا بجلبان السلاح . جلبان السلاح : القراب بما فيه . قال شمر : كأن اشتقاق الجلبان من الجلبة وهي الجلدة التي توضع على القتب ، والجلدة التي تغشي التميمة ; لأنها كالغشاء للقراب ; وقال جران العود :


                                                          نظرت وصحبتي بخنيصرات      [ ص: 169 ] وجلب الليل يطرده النهار

                                                          أراد بجلب الليل : سواده . وروي عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - أنه قال لما صالح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المشركين بالحديبية : صالحهم على أن يدخل هو وأصحابه من قابل ثلاثة أيام ولا يدخلونها إلا بجلبان السلاح ; قال فسألته : ما جلبان السلاح ؟ قال : القراب بما فيه . قال أبو منصور : القراب : الغمد الذي يغمد فيه السيف ، والجلبان : شبه الجراب من الأدم يوضع فيه السيف مغمودا ، ويطرح فيه الراكب سوطه وأداته ، ويعلقه من آخرة الكور ، أو في واسطته . واشتقاقه من الجلبة ، وهي الجلدة التي تجعل على القتب . ورواه القتيبي - بضم الجيم واللام وتشديد الباء - قال : وهو أوعية السلاح بما فيها . قال : ولا أراه سمي به إلا لجفائه ، ولذلك قيل للمرأة الغليظة الجافية : جلبانة . وفي بعض الروايات : ولا يدخلها إلا بجلبان السلاح ، السيف والقوس ونحوهما ; يريد ما يحتاج إليه في إظهاره والقتال به إلى معاناة لا كالرماح ; لأنها مظهرة يمكن تعجيل الأذى بها ، وإنما اشترطوا ذلك ليكون علما ، وأمارة للسلم ، إذ كان دخولهم صلحا . وجلب الدم ، وأجلب : يبس ، عن ابن الأعرابي . والجلبة : القشرة التي تعلو الجرح عند البرء . وقد جلب يجلب ويجلب ، وأجلب الجرح مثله . الأصمعي : إذا علت القرحة جلدة البرء ، قيل جلب . وقال الليث : قرحة مجلبة وجالبة وقروح جوالب وجلب ; وأنشد :


                                                          عافاك ربي من قروح جلب     بعد نتوض الجلد والتقوب

                                                          وما في السماء جلبة أي : غيم يطبقها ; عن ابن الأعرابي . وأنشد :


                                                          إذا ما السماء لم تكن غير جلبة     كجلدة بيت العنكبوت تنيرها

                                                          تنيرها أي : كأنها تنسجها بنير . والجلبة في الجبل : حجارة تراكم بعضها على بعض فلم يكن فيه طريق تأخذ فيه الدواب . والجلبة من الكلأ : قطعة متفرقة ليست بمتصلة . والجلبة : العضاه إذا اخضرت وغلظ عودها ، وصلب شوكها . والجلبة : السنة الشديدة ، وقيل : الجلبة مثل الكلبة شدة الزمان ، يقال : أصابتنا جلبة الزمان وكلبة الزمان . قال أوس بن مغراء التميمي :


                                                          لا يسمحون إذا ما جلبة أزمت     وليس جارهم فيها بمختار

                                                          والجلبة : شدة الجوع ، وقيل : الجلبة الشدة والجهد والجوع . قال مالك بن عويمر بن عثمان بن حنيش الهذلي ، وهو المتنخل ، ويروى لأبي ذؤيب ، والصحيح الأول :


                                                          كأنما بين لحييه ولبته     من جلبة الجوع جيار وإرزيز

                                                          والإرزيز : الطعنة . والجيار : حرقة في الجوف ; وقال ابن بري : الجيار حرارة من غيظ ، تكون في الصدر . والإرزيز الرعدة . والجوالب الآفات والشدائد . والجلبة : حديدة تكون في الرحل ، وقيل : هو ما يؤسر به سوى صفته وأنساعه . والجلبة : جلدة تجعل على القتب ، وقد أجلب قتبه : غشاه بالجلبة . وقيل : هو أن يجعل عليه جلدة رطبة فطيرا ثم يتركها عليه حتى تيبس . التهذيب : الإجلاب أن تأخذ قطعة قد ، فتلبسها رأس القتب ، فتيبس عليه ، وهي الجلبة . قال النابغة الجعدي :


                                                          أمر ونحي من صلبه     كتنحية القتب المجلب

                                                          والجلبة : حديدة صغيرة يرقع بها القدح . والجلبة : العوذة تخرز عليها جلدة ، وجمعها الجلب . وقال علقمة يصف فرسا :


                                                          بغوج لبانه يتم بريمه     على نفث راق خشية العين مجلب

                                                          يتم بريمه : أي : يطال إطالة لسعة صدره . والمجلب : الذي يجعل العوذة في جلد ثم تخاط على الفرس . والغوج : الواسع جلد الصدر . والبريم : خيط يعقد عليه عوذة . وجلبة السكين : التي تضم النصاب على الحديدة . والجلب والجلب : الرحل بما فيه . وقيل : خشبه بلا أنساع ولا أداة . وقال ثعلب : جلب الرحل : غطاؤه . وجلب الرحل وجلبه : عيدانه . قال العجاج ، وشبه بعيره بثور وحشي رائح ، وقد أصابه المطر :


                                                          عاليت أنساعي وجلب الكور     على سراة رائح ممطور

                                                          قال ابن بري : والمشهور في رجزه :


                                                          بل خلت أعلاقي وجلب كوري

                                                          وأعلاقي جمع علق ، والعلق : النفيس من كل شيء . والأنساع : الحبال ، واحدها نسع . والسراة : الظهر . وأراد بالرائح الممطور الثور الوحشي . وجلب الرحل وجلبه : أحناؤه . والتجليب : أن تؤخذ صوفة ، فتلقى على خلف الناقة ثم تطلى بطين ، أو عجين ، لئلا ينهزها الفصيل . يقال جلب ضرع حلوبتك . ويقال : جلبته عن كذا وكذا تجليبا أي : منعته . ويقال : إنه لفي جلبة صدق أي : في بقعة صدق ، وهي الجلب . والجلب : الجناية على الإنسان . وكذلك الأجل . وقد جلب عليه وجنى عليه وأجل . والتجلب : التماس المرعى ما كان رطبا من الكلأ ، رواه - بالجيم - كأنه معنى إحنائه . والجلب والجلب : السحاب الذي لا ماء فيه ; وقيل : سحاب رقيق لا ماء فيه ، وقيل : هو السحاب المعترض تراه كأنه جبل . قال تأبط شرا :


                                                          ولست بجلب جلب ليل وقرة     ولا بصفا صلد عن الخير معزل

                                                          يقول : لست برجل لا نفع فيه ، ومع ذلك فيه أذى كالسحاب الذي فيه ريح وقر ، ولا مطر فيه ، والجمع : أجلاب . وأجلبه أي : أعانه . وأجلبوا عليه إذا تجمعوا وتألبوا مثل أحلبوا . قال الكميت :

                                                          على تلك إجرياي وهي ضريبتي     ولو أجلبوا طرا علي وأحلبوا

                                                          وأجلب الرجل الرجل إذا توعده بشر ، وجمع الجمع عليه . وكذلك جلب يجلب جلبا . وفي التنزيل العزيز : وأجلب عليهم بخيلك ورجلك ; [ ص: 170 ] أي : اجمع عليهم وتوعدهم بالشر . وقد قرئ واجلب . والجلباب : القميص . والجلباب : ثوب أوسع من الخمار ، دون الرداء تغطي به المرأة رأسها وصدرها ، وقيل : هو ثوب واسع ، دون الملحفة ، تلبسه المرأة ; وقيل : هو الملحفة . قالت جنوب أخت عمرو ذي الكلب ترثيه :


                                                          تمشي النسور إليه وهي لاهية     مشي العذارى عليهن الجلابيب

                                                          معنى قوله : وهي لاهية : أن النسور آمنة منه لا تفرقه لكونه ميتا ، فهي تمشي إليه مشي العذارى . وأول المرثية :


                                                          كل امرئ بطوال العيش مكذوب     وكل من غالب الأيام مغلوب

                                                          وقيل : هو ما تغطي به المرأة الثياب من فوق كالملحفة ; وقيل : هو الخمار . وفي حديث أم عطية : لتلبسها صاحبتها من جلبابها أي : إزارها . وقد تجلبب . قال يصف الشيب :


                                                          حتى اكتسى الرأس قناعا أشهبا     أكره جلباب لمن تجلببا

                                                          وفي التنزيل العزيز : يدنين عليهن من جلابيبهن . قال ابن السكيت ، قالت العامرية : الجلباب الخمار ، وقيل : جلباب المرأة ملاءتها التي تشتمل بها ، واحدها جلباب ، والجماعة جلابيب ، وقد تجلببت ; وأنشد :


                                                          والعيش داج كنفا جلبابه

                                                          وقال آخر :


                                                          مجلبب من سواد الليل جلبابا

                                                          والمصدر : الجلببة ، ولم تدغم ; لأنها ملحقة بدحرجة . وجلببه إياه . قال ابن جني : جعل الخليل باء جلبب الأولى كواو جهور ودهور ، وجعل يونس الثانية كياء سلقيت وجعبيت . قال : وهذا قدر من الحجاج مختصر ليس بقاطع ، وإنما فيه الأنس بالنظير لا القطع باليقين ; ولكن من أحسن ما يقال في ذلك ما كان أبو علي - رحمه الله - يحتج به لكون الثاني هو الزائد قولهم : اقعنسس واسحنكك ; قال أبو علي : ووجه الدلالة من ذلك أن نون افعنلل ، بابها ، إذا وقعت في ذوات الأربعة ، أن تكون بين أصلين نحو احرنجم واخرنطم ، فاقعنسس ملحق بذلك ، فيجب أن يحتذى به طريق ما ألحق بمثاله ، فلتكن السين الأولى أصلا كما أن الطاء المقابلة لها من اخرنطم أصل ، وإذا كانت السين الأولى من اقعنسس أصلا كانت الثانية الزائدة من غير ارتياب ولا شبهة . وفي حديث علي : من أحبنا أهل البيت ; فليعد للفقر جلبابا وتجفافا . ابن الأعرابي : الجلباب : الإزار ; قال : ومعنى قوله : فليعد للفقر ، يريد لفقر الآخرة ونحو ذلك . قال أبو عبيد ; قال الأزهري : معنى قول ابن الأعرابي الجلباب الإزار لم يرد به إزار الحقو ، ولكنه أراد إزارا يشتمل به ، فيجلل جميع الجسد ; وكذلك إزار الليل ، وهو الثوب السابغ الذي يشتمل به النائم ، فيغطي جسده كله . وقال ابن الأثير : أي : ليزهد في الدنيا ، وليصبر على الفقر والقلة . والجلباب أيضا : الرداء ، وقيل : هو كالمقنعة تغطي به المرأة رأسها وظهرها وصدرها ، والجمع جلابيب ; كنى به عن الصبر ; لأنه يستر الفقر كما يستر الجلباب البدن ، وقيل : إنما كنى بالجلباب عن اشتماله بالفقر أي : فليلبس إزار الفقر ، ويكون منه على حالة تعمه وتشمله ; لأن الغنى من أحوال أهل الدنيا ، ولا يتهيأ الجمع بين حب أهل الدنيا وحب أهل البيت . والجلباب : الملك . والجلباب : مثل به سيبويه ، ولم يفسره أحد . قال السيرافي : وأظنه يعني الجلباب . والجلاب : ماء الورد ، فارسي معرب . وفي حديث عائشة - رضي الله عنها - : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا اغتسل من الجنابة دعا بشيء مثل الجلاب ، فأخذ بكفه ، فبدأ بشق رأسه الأيمن ثم الأيسر ، فقال بهما على وسط رأسه . قال أبو منصور : أراد بالجلاب ماء الورد ، وهو فارسي معرب ، يقال له جل وآب . وقال بعض أصحاب المعاني والحديث : إنما هو الحلاب لا الجلاب ، وهو ما يحلب فيه الغنم كالمحلب سواء ، فصحف ، فقال : جلاب ، يعني أنه كان يغتسل من الجنابة في ذلك الحلاب . والجلبان : الخلر ، وهو شيء يشبه الماش . التهذيب : والجلبان الملك ، الواحدة جلبانة ، وهو حب أغبر أكدر على لون الماش ، إلا أنه أشد كدرة منه وأعظم جرما يطبخ . وفي حديث مالك : تؤخذ الزكاة من الجلبان ، هو بالتخفيف حب كالماش . والجلبان من القطاني : - معروف - . قال أبو حنيفة : لم أسمعه من الأعراب إلا - بالتشديد - وما أكثر من يخففه . قال : ولعل التخفيف لغة . والينجلب : خرزة يؤخذ بها الرجال . حكى اللحياني عن العامرية أنهن يقلن :


                                                          أخذته بالينجلب     فلا يرم ولا يغب
                                                          ولا يزل عند الطنب

                                                          وذكر الأزهري هذه الخرزة في الرباعي ، قال : ومن خرزات الأعراب الينجلب ، وهو الرجوع بعد الفرار ، والعطف بعد البغض . والجلب : جمع جلبة ، وهي بقلة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية