منذ 
منذ : قال  الليث     : منذ النون والذال فيها أصليان ، وقيل : إن بناء منذ مأخوذ من قولك ( ( من إذ ) وكذلك معناها من الزمان إذا قلت منذ كان معناه ( من إذ ) كان ذلك . ومنذ ومذ : من حروف المعاني .  ابن   [ ص: 133 ] بزرج     : يقال ما رأيته مذ عام الأول ، وقال العوام : مذ عام أول ، وقال  أبو هلال     : مذ عاما أول ، وقال الآخر : مذ عام أول ومذ عام الأول ، وقال  نجاد     : مذ عام أول ، وقال غيره : لم أره مذ يومان ولم أره منذ يومين ، يرفع بمذ ويخفض بمنذ ، وقد ذكرناه في ( مذذ ) .   ابن سيده     : منذ تحديد غاية زمانية ، النون فيها أصلية ، رفعت على توهم الغاية ، قيل : وأصلها ( من إذ ) وقد تحذف النون في لغة ، ولما كثرت في الكلام طرحت همزتها وجعلت كلمة واحدة ، ومذ ، محذوفة منها ، تحديد غاية زمانية أيضا . وقولهم : ما رأيته مذ اليوم ، حركوها لالتقاء الساكنين ولم يكسروها لكنهم ضموها لأن أصلها الضم في منذ ، قال   ابن جني     : لكنه الأصل الأقرب ، ألا ترى أن أول حال هذه الذال أن تكون ساكنة ؟ وإنما ضمت لالتقاء الساكنين إتباعا لضمة الميم ، فهذا على الحقيقة هو الأصل الأول ، قال : فأما ضم ذال منذ فإنما هو في الرتبة بعد سكونها الأول المقدر ، ويدلك على أن حركتها إنما هي لالتقاء الساكنين ، أنه لما زال التقاؤهما سكنت الذال ، فضم الذال إذا في قولهم مذ اليوم ومذ الليلة ، إنما هو رد إلى الأصل الأقرب الذي هو منذ دون الأصل ، إلى بعد الذي هو سكون الذال في منذ قبل أن تحرك فيما بعد ، وقد اختلفت العرب في مذ ومنذ : فبعضهم يخفض بمذ ما مضى وما لم يمض ، وبعضهم يرفع بمنذ ما مضى وما لم يمض . والكلام أن يخفض بمذ ما لم يمض ويرفع ما مضى ، ويخفض بمنذ ما لم يمض وما مضى ، وهو المجتمع عليه ، وقد أجمعت العرب على ضم الذال من منذ إذا كان بعدها متحرك أو ساكن كقولك : لم أره منذ يوم ومنذ اليوم ، وعلى إسكان مذ إذا كان بعدها متحرك ، وتحريكها بالضم والكسر إذا كانت بعدها ألف وصل ، ومثله  الأزهري  فقال : كقولك لم أره مذ يومان ولم أره مذ اليوم . وسئل بعض العرب : لم خفضوا بمنذ ورفعوا بمذ ؟ فقال : لأن منذ كانت في الأصل من إذ كان كذا وكذا ، وكثر استعمالها في الكلام فحذفت الهمزة وضمت الميم ، وخفضوا بها على علة الأصل ، قال : وأما مذ فإنهم لما حذفوا منها النون ذهبت الآلة الخافضة وضموا الميم منها ليكون أمتن لها ، ورفعوا بها ما مضى مع سكون الذال ليفرقوا بها بين ما مضى وبين ما لم يمض ،  الجوهري     : منذ مبني على الضم ، ومذ مبني على السكون ، وكل واحد منهما يصلح أن يكون حرف جر فتجر ما بعدهما وتجريهما مجرى في ، ولا تدخلهما حينئذ إلا على زمان أنت فيه ، فتقول : ما رأيته منذ الليلة ، ويصلح أن يكونا اسمين فترفع ما بعدهما على التاريخ أو على التوقيت ، وتقول في التاريخ : ما رأيته مذ يوم الجمعة ، وتقول في التوقيت : ما رأيته مذ سنة أي أمد ذلك سنة ، ولا يقع هاهنا إلا نكرة ، فلا تقول مذ سنة كذا ، وإنما تقول مذ سنة . وقال   سيبويه     : منذ للزمان نظيره من للمكان ، وناس يقولون إن منذ في الأصل كلمتان ( من إذ ) جعلتا واحدة ، قال : وهذا القول لا دليل على صحته .   ابن سيده     : قال  اللحياني     : وبنو عبيد  من غني يحركون الذال من منذ عند المتحرك والساكن ، ويرفعون ما بعدها فيقولون : مذ اليوم ، وبعضهم يكسر عند الساكن فيقول مذ اليوم . قال : وليس بالوجه . قال بعض النحويين : ووجه جواز هذا عندي على ضعفه أنه شبه ذال مذ بدال قد ولام هل فكسرها حين احتاج إلى ذلك كما كسر لام هل ودال قد . وحكي عن بني سليم    : ما رأيته منذ ست ، بكسر الميم ورفع ما بعده . وحكي عن  عكل     : مذ يومان ، بطرح النون وكسر الميم وضم الذال . وقال بنو ضبة    : والرباب يخفضون بمذ كل شيء . قال   سيبويه     : أما مذ فيكون ابتداء غاية الأيام والأحيان كما كانت من فيما ذكرت لك ولا تدخل واحدة منهما على صاحبتها ، وذلك قولك : ما لقيته مذ يوم الجمعة إلى اليوم ، ومذ غدوة إلى الساعة ، وما لقيته مذ اليوم إلى ساعتك هذه ، فجعلت اليوم أول غايتك وأجريت في بابها كما جرت من حيث قلت : من مكان كذا إلى مكان كذا ، وتقول : ما رأيته مذ يومين فجعلته غاية كما قلت : أخذته من ذلك المكان فجعلته غاية ولم ترد منتهى ; هذا كله قول   سيبويه     . قال   ابن جني     : قد تحذف النون من الأسماء عينا في قولهم مذ وأصله منذ ، ولو صغرت مذ اسم رجل لقلت منيذ ، فرددت النون المحذوفة ليصح لك وزن فعيل . التهذيب : وفي مذ ومنذ لغات شاذة تكلم بها الخطيئة من أحياء العرب فلا يعبأ بها ، وإن جمهور العرب على ما بين في صدر الترجمة . وقال  الفراء  في مذ ومنذ : هما حرفان مبنيان من حرفين من من ومن ذو التي بمعنى الذي في لغة طيئ  ، فإذا خفض بهما أجريتا مجرى من ، وإذا رفع بهما ما بعدهما بإضمار كان في الصلة ، كأنه قال من الذي هو يومان ، قال : وغلبوا الخفض في منذ لظهور النون . 
				
						
						
