ذكر طغرلبك وأخيه إبراهيم ينال الوحشة بين
في هذه السنة استوحش من أخيه السلطان إبراهيم ينال طغرلبك .
وكان سبب ذلك أن طغرلبك طلب من أن يسلم إليه مدينة إبراهيم ينال همذان ( والقلاع التي بيده من بلد الجبل ) فامتنع من ذلك ، واتهم وزيره أبا علي بالسعي بينهما في الفساد ، فقبض عليه وأمر به فضرب بين يديه ، وسمل إحدى عينيه ، وقطع شفتيه ، وسار عن طغرلبك ، وجمع جمعا من عسكره ، والتقيا ، وكان بين العسكرين قتال شديد انهزم [ فيه ] ينال وعاد منهزما ، فسار طغرلبك في أثره ، فملك قلاعه وبلاده جميعها .
[ ص: 78 ] وتحصن إبراهيم ينال بقلعة سرماج ، وامتنع على أخيه ، فحصره طغرلبك فيها ، وكانت عساكره قد بلغت مائة ألف من أنواع العسكر ، وقاتله فملكها في أربعة أيام ، وهي من أحصن القلاع وأمنعها ، واستنزل ينال منها مقهورا ، وأرسل إلى يطلب منه إقامة الخطبة له في بلاده ، فأطاعه وخطب له في سائر نصر الدولة بن مروان ديار بكر ، وراسل ملك الروم طغرلبك ، وأرسل إليه هدية عظيمة ، وطلب منه المعاهدة فأجابه إلى ذلك .
وأرسل ملك الروم إلى ابن مروان يسأله أن يسعى في فداء ملك الأبخاز المقدم ذكره ، فأرسل نصر الدولة شيخ الإسلام أبا عبد الله بن مروان في المعنى إلى السلطان طغرلبك ، فأطلقه بغير فداء ، فعظم ذلك عنده وعند ملك الروم ، وأرسل عوضه من الهدايا شيئا كثيرا ، وعمروا مسجد القسطنطينية ، وأقاموا فيه الصلاة والخطبة لطغرلبك ، ودان حينئذ الناس كلهم له ، وعظم شأنه ، وتمكن ملكه وثبت .
ولما نزل ينال إلى طغرلبك أكرمه وأحسن إليه ، ورد عليه كثيرا مما أخذ منه ، وخيره بين أن يقطعه بلادا يسير إليها وبين أن يقيم معه ، فاختار المقام معه .