ذكر الخوارج على عمان استيلاء
في هذه السنة استولى الخوارج المقيمون بجبال عمان على مدينة تلك الولاية .
وسبب ذلك أن صاحبها الأمير أبا المظفر ابن الملك أبي كاليجار كان مقيما بها ، ومعه خادم له قد استولى على ( الأمور ، وحكم على ) البلاد ، وأساء السيرة في أهلها ، فأخذ أموالهم ، فنفروا منه وأبغضوه .
وعرف إنسان من الخوارج يقال له ابن راشد الحال ، فجمع من عنده منهم ، فقصد المدينة ، فخرج إليه الأمير أبو المظفر في عساكره ، فالتقوا واقتتلوا ، فانهزمت الخوارج ، وعادوا إلى موضعهم .
[ ص: 86 ] وأقام ابن راشد مدة يجمع ويحتشد ، ثم سار ثانيا ، وقاتله الديلم ، فأعانه أهل البلد لسوء سيرة الديلم فيهم ، فانهزم الديلم ، وملك ابن راشد البلد ، وقتل الخادم وكثيرا من الديلم ، وقبض على الأمير أبي المظفر وسيره إلى جباله مستظهرا عليه ، وسجن معه كل من خط بقلم من الديلم ، وأصحاب الأعمال ، وأخرب دار الإمارة وقال : هذه أحق دار بالخراب ! وأظهر العدل ، وأسقط المكوس ، واقتصر على رفع عشر ما يرد إليهم ، وخطب لنفسه ، وتلقب بالراشد بالله ، ولبس الصوف ، وبنى موضعا على شكل مجد ، وقد كان هذا الرجل تحرك أيضا أيام أبي القاسم ( بن مكرم ) ، فسير إليه أبو القاسم من منعه وحصره وأزال طمعه .