ذكر بعض شهاب الدين
كان - رحمه الله - شجاعا مقداما كثير الغزو إلى سيرة بلاد الهند ، عادلا في رعيته ، حسن السيرة فيهم ، حاكما بينهم بما يوجبه الشرع المطهر ، وكان القاضي بغزنة يحضر داره كل أسبوع السبت والأحد والاثنين والثلاثاء ، ويحضر معه أمير حاجب ، وأمير داذ ، وصاحب البريد . فيحكم القاضي ، وأصحاب السلطان ينفذون أحكامه على الصغير والكبير ، والشريف والوضيع ، وإن طلب أحد الخصوم الحضور عنده أحضره وسمع كلامه ، وأمضى عليه أو له ، حكم الشرع ، فكانت الأمور جارية على أحسن نظام .
حكي لي عنه أنه لقيه صبي علوي عمره نحو خمس سنين فدعا له ، وقال : لي خمسة أيام ما أكلت شيئا ، فعاد من الركوب لوقته ، ومعه الصبي ، فنزل في داره وأطعم العلوي أطيب الطعام بحضرته ، ثم أعطاه مالا بعد أن أحضر أباه وسلمه إليه ، وفرق في سائر العلويين مالا عظيما .
وحكي عنه أن تاجرا من مراغة كان بغزنة ، وله على بعض مماليك شهاب الدين دين مبلغه عشرة آلاف دينار ، فقتل المملوك في حرب كانت له ، فرفع التاجر حاله ، [ ص: 218 ] فأمر بأن يقر إقطاع المملوك بيد التاجر إلى أن يستوفي دينه ففعل ذلك .
وحكي عنه أنه كان يحضر العلماء بحضرته ، فيتكلمون في المسائل الفقهية وغيرها ، وكان يعظ في داره ، فحضر يوما فوعظ ، وقال في آخر كلامه : يا سلطان ، لا سلطانك يبقى ولا تلبيس فخر الدين الرازي الرازي ، وإن مردنا إلى الله ! فبكى شهاب الدين حتى رحمه الناس لكثرة بكائه .
وكان رقيق القلب ، وكان شافعي المذهب مثل أخيه .
قيل : وكان حنفيا - والله أعلم .