فصل
ولما عزموا على الخروج ، ذكروا ما بينهم وبين
بني كنانة من الحرب ، فتبدى لهم
nindex.php?page=treesubj&link=30772إبليس في صورة سراقة بن مالك المدلجي ، وكان من أشراف
بني كنانة ، فقال لهم : لا غالب لكم اليوم من الناس ، وإني جار لكم من أن تأتيكم
كنانة بشيء تكرهونه ، فخرجوا والشيطان جار لهم لا يفارقهم ، فلما تعبئوا للقتال ، ورأى عدو الله جند الله قد نزلت من السماء ، فر ونكص على عقبيه ، فقالوا : إلى أين يا
سراقة ؟ ألم تكن قلت : إنك جار لنا لا تفارقنا ؟ فقال : إني أرى ما لا ترون ، إني أخاف الله ، والله شديد العقاب ، وصدق في قوله : إني أرى ما لا ترون ، وكذب في قوله : إني أخاف الله ، وقيل : كان خوفه على نفسه أن يهلك معهم ، وهذا أظهر .
ولما رأى المنافقون ومن في قلبه مرض قلة حزب الله وكثرة أعدائه ، ظنوا أن الغلبة إنما هي بالكثرة ، وقالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=49غر هؤلاء دينهم ) [ الأنفال : 49 ] ، فأخبر سبحانه أن النصر بالتوكل عليه لا بالكثرة ، ولا بالعدد ، والله عزيز لا يغالب ، حكيم ينصر من يستحق النصر ، وإن كان ضعيفا ، فعزته وحكمته أوجبت نصر الفئة المتوكلة عليه .
فَصْلٌ
وَلَمَّا عَزَمُوا عَلَى الْخُرُوجِ ، ذَكَرُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ
بَنِي كِنَانَةَ مِنَ الْحَرْبِ ، فَتَبَدَّى لَهُمْ
nindex.php?page=treesubj&link=30772إِبْلِيسُ فِي صُورَةِ سراقة بن مالك المدلجي ، وَكَانَ مِنْ أَشْرَافِ
بَنِي كِنَانَةَ ، فَقَالَ لَهُمْ : لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ ، وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَأْتِيَكُمْ
كِنَانَةُ بِشَيْءٍ تَكْرَهُونَهُ ، فَخَرَجُوا وَالشَّيْطَانُ جَارٌ لَهُمْ لَا يُفَارِقُهُمْ ، فَلَمَّا تَعَبَّئُوا لِلْقِتَالِ ، وَرَأَى عَدُوُّ اللَّهِ جُنْدَ اللَّهِ قَدْ نَزَلَتْ مِنَ السَّمَاءِ ، فَرَّ وَنَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ ، فَقَالُوا : إِلَى أَيْنَ يَا
سراقة ؟ أَلَمْ تَكُنْ قُلْتَ : إِنَّكَ جَارٌ لَنَا لَا تُفَارِقُنَا ؟ فَقَالَ : إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ ، إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ، وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ، وَصَدَقَ فِي قَوْلِهِ : إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ ، وَكَذَبَ فِي قَوْلِهِ : إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ، وَقِيلَ : كَانَ خَوْفُهُ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَهْلِكَ مَعَهُمْ ، وَهَذَا أَظْهَرُ .
وَلَمَّا رَأَى الْمُنَافِقُونَ وَمَنْ فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ قِلَّةَ حِزْبِ اللَّهِ وَكَثْرَةَ أَعْدَائِهِ ، ظَنُّوا أَنَّ الْغَلَبَةَ إِنَّمَا هِيَ بِالْكَثْرَةِ ، وَقَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=49غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ ) [ الْأَنْفَالِ : 49 ] ، فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّ النَّصْرَ بِالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ لَا بِالْكَثْرَةِ ، وَلَا بِالْعَدَدِ ، وَاللَّهُ عَزِيزٌ لَا يُغَالَبُ ، حَكِيمٌ يَنْصُرُ مَنْ يَسْتَحِقُّ النَّصْرَ ، وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا ، فَعِزَّتُهُ وَحِكْمَتُهُ أَوْجَبَتْ نَصْرَ الْفِئَةِ الْمُتَوَكِّلَةِ عَلَيْهِ .