فلما كان خامس المحرم بلغه أن خالد بن سفيان بن نبيح الهذلي قد جمع له الجموع ، عبد الله بن أنيس ، فقتله ، قال فبعث إليه : وجاءه برأسه فوضعه بين يديه ، فأعطاه عصا فقال : ( عبد المؤمن بن خلف ) ، فلما حضرته الوفاة أوصى أن تجعل معه في أكفانه ، وكانت غيبته ثمان عشرة ليلة ، وقدم يوم السبت لسبع بقين من المحرم [ ص: 219 ] فلما كان صفر قدم عليه قوم من هذه آية بيني وبينك يوم القيامة عضل والقارة ، وذكروا أن فيهم إسلاما ، وسألوه أن يبعث معهم من يعلمهم الدين ويقرئهم القرآن ، فبعث معهم ستة نفر في قول ، وقال ابن إسحاق : كانوا عشرة وأمر عليهم البخاري مرثد بن أبي مرثد الغنوي ، وفيهم ، فذهبوا معهم ، فلما كانوا خبيب بن عدي بالرجيع ، وهو ماء لهذيل بناحية الحجاز غدروا بهم واستصرخوا عليهم هذيلا ، فجاءوا حتى أحاطوا بهم ، فقتلوا عامتهم واستأسروا ، خبيب بن عدي وزيد بن الدثنة ، فذهبوا بهما وباعوهما بمكة ، وكانا قتلا من رءوسهم يوم بدر ، فأما خبيب فمكث عندهم مسجونا ، ثم أجمعوا قتله ، فخرجوا به من الحرم إلى التنعيم ، فلما أجمعوا على صلبه قال : دعوني حتى أركع ركعتين ، فتركوه ، فصلاهما ، فلما سلم قال : والله لولا أن تقولوا إن ما بي جزع لزدت ثم قال : " اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ، ولا تبق منهم أحدا ، ثم قال :
لقد أجمع الأحزاب حولي وألبوا قبائلهم واستجمعوا كل مجمع وكلهم مبدي العداوة جاهد
علي لأني في وثاق بمضيع وقد قربوا أبناءهم ونساءهم
وقربت من جذع طويل ممنع [ ص: 220 ] إلى الله أشكو غربتي بعد كربتي
وما أرصد الأحزاب لي عند مصرعي فذا العرش صبرني على ما يراد بي
فقد بضعوا لحمي وقد ياس مطمعي وقد خيروني الكفر ، والموت دونه
فقد ذرفت عيناي من غير مجزع وما بي حذار الموت إني لميت
وإن إلى ربي إيابي ومرجعي ولست أبالي حين أقتل مسلما
على أي شق كان في الله مضجعي وذلك في ذات الإله وإن يشأ
يبارك على أوصال شلو ممزع فلست بمبد للعدو تخشعا
ولا جزعا إني إلى الله مرجعي
وفي " الصحيح " : أن خبيبا . وقد نقل أول من سن الركعتين عند القتل عن أبو عمر بن عبد البر أنه بلغه عن الليث بن سعد أنه صلاهما في قصة ذكرها ، وكذلك صلاهما زيد بن حارثة حين أمر حجر بن عدي معاوية بقتله بأرض عذراء من أعمال دمشق .
ثم صلبوا خبيبا ووكلوا به من يحرس جثته ، فجاء ، فاحتمله بجذعه ليلا ، فذهب به ، فدفنه . عمرو بن أمية الضمري
ورئي خبيب وهو أسير يأكل قطفا من العنب ، وما بمكة ثمرة ، وأما زيد بن [ ص: 221 ] الدثنة فابتاعه ، فقتله بأبيه . صفوان بن أمية
وأما ، فذكر سبب هذه الوقعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث هؤلاء الرهط يتحسسون له أخبار موسى بن عقبة قريش ، فاعترضهم بنو لحيان .