فصل
اليمامة وكتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى صاحب هوذة بن علي ، وأرسل به مع سليط بن عمرو العامري : ( بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هوذة بن علي ، سلام على من اتبع الهدى ، واعلم أن ديني سيظهر إلى منتهى الخف والحافر ، فأسلم تسلم ، وأجعل لك ما تحت يديك ) فلما قدم عليه سليط بكتاب [ ص: 608 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم مختوما أنزله وحياه واقترأ عليه الكتاب ، فرد ردا دون رد ، وكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم : ما أحسن ما تدعو إليه وأجمله ، والعرب تهاب مكاني ، فاجعل إلي بعض الأمر أتبعك ، وأجاز سليطا بجائزة ، وكساه أثوابا من نسج هجر ، فقدم بذلك كله على النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخبره وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم كتابه فقال : ( لو سألني سيابة من الأرض ما فعلت باد وباد ما في يديه ) .
فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفتح ، جاءه جبريل عليه السلام : بأن هوذة قد مات ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أما إن اليمامة سيخرج بها كذاب يتنبأ يقتل بعدي " فقال قائل : يا رسول الله من يقتله ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنت وأصحابك ) فكان كذلك .
وذكر أن الواقدي أركون دمشق عظيم من عظماء النصارى كان عند هوذة فسأله عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : جاءني كتابه يدعوني إلى الإسلام ، فلم أجبه ، قال الأركون : لم لا تجيبه ؟ قال : ضننت بديني وأنا ملك قومي ، وإن تبعته لم أملك ، قال : بلى والله لئن تبعته ليملكنك ، فإن الخيرة لك في اتباعه وإنه للنبي العربي الذي بشر به عيسى ابن مريم ، وإنه لمكتوب عندنا في الإنجيل محمد رسول الله .