فإن قيل : فإذا كان سبب العشق  ما ذكرتم من الاتصال والتناسب الروحاني ، فما باله لا يكون دائما من الطرفين ، بل تجده كثيرا من طرف العاشق وحده ، فلو كان سببه الاتصال النفسي والامتزاج الروحاني ، لكانت المحبة مشتركة بينهما . 
فالجواب : أن السبب قد يتخلف عنه مسببه لفوات شرط ، أو لوجود مانع ، وتخلف المحبة من الجانب الآخر لا بد أن يكون لأحد ثلاثة أسباب : 
الأول : علة في المحبة ، وأنها محبة عرضية لا ذاتية ، ولا يجب الاشتراك في المحبة العرضية ، بل قد يلزمها نفرة من المحبوب . 
الثاني : مانع يقوم بالمحب يمنع محبة محبوبه له ، إما في خلقه ، أو في خلقه أو هديه أو فعله ، أو هيئته أو غير ذلك . 
 [ ص: 250 ] الثالث : مانع يقوم بالمحبوب يمنع مشاركته للمحب في محبته ، ولولا ذلك المانع ، لقام به من المحبة لمحبه مثل ما قام بالآخر ، فإذا انتفت هذه الموانع ، وكانت المحبة ذاتية ، فلا يكون قط إلا من الجانبين ، ولولا مانع الكبر والحسد ، والرياسة والمعاداة في الكفار ، لكانت الرسل أحب إليهم من أنفسهم وأهليهم وأموالهم ، ولما زال هذا المانع من قلوب أتباعهم ، كانت محبتهم لهم فوق محبة الأنفس والأهل والمال . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					