الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            النكتة الحادية عشرة : إنما قال : ( أعوذ بالله ) ولم يذكر اسما آخر ، بل ذكر قوله : ( الله ) لأن هذا الاسم أبلغ في كونه زاجرا عن المعاصي من سائر الأسماء والصفات لأن الإله هو المستحق للعبادة ، ولا يكون كذلك إلا إذا كان قادرا عليما حكيما فقوله : ( أعوذ بالله ) جار مجرى أن يقول أعوذ بالقادر العليم الحكيم ، وهذه الصفات هي النهاية في الزجر ، وذلك لأن السارق يعلم قدرة السلطان وقد يسرق ماله ؛ لأن السارق عالم بأن ذلك السلطان وإن كان قادرا إلا أنه غير عالم ، فالقدرة وحدها غير كافية في الزجر ، بل لا بد معها من العلم ، وأيضا فالقدرة والعلم لا يكفيان في حصول الزجر ؛ لأن الملك إذا رأى منكرا إلا أنه لا ينهى عن المنكر لم يكن حضوره مانعا منه ، أما إذا حصلت القدرة وحصل العلم وحصلت الحكمة المانعة من القبائح فههنا يحصل الزجر الكامل ، فإذا قال العبد ( أعوذ بالله ) فكأنه قال أعوذ بالقادر العليم الحكيم الذي لا يرضى بشيء من المنكرات فلا جرم يحصل الزجر التام .

                                                                                                                                                                                                                                            النكتة الثانية عشرة : لما قال العبد : ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) دل ذلك على أنه لا يرضى بأن يجاور الشيطان وإنما لم يرض بذلك ؛ لأن الشيطان عاص ، وعصيانه لا يضر هذا المسلم في الحقيقة ، فإذا كان العبد لا يرضى بجوار العاصي فبأن لا يرضى بجوار عين المعصية أولى .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية