أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم ) ففيه سؤالات :
السؤال الأول : ما
nindex.php?page=treesubj&link=28746وجه قوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81ثم جاءكم ) ، والرسول لا يجيء إلى النبيين وإنما يجيء إلى الأمم ؟ .
والجواب : إن حملنا قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81وإذ أخذ الله ميثاق النبيين ) على أخذ ميثاق أممهم فقد زال السؤال ، وإن حملناه على أخذ ميثاق النبيين أنفسهم كان قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81ثم جاءكم ) أي جاء في زمانكم .
السؤال الثاني : كيف يكون
محمد - صلى الله عليه وسلم - مصدقا لما معهم مع مخالفة شرعه لشرعهم ؟
[ ص: 105 ] قلنا : المراد به حصول
nindex.php?page=treesubj&link=25029الموافقة في التوحيد ، والنبوات ، وأصول الشرائع ، فأما تفاصيلها وإن وقع الخلاف فيها ، فذلك في الحقيقة ليس بخلاف ؛ لأن جميع الأنبياء - عليهم السلام - متفقون على أن الحق في زمان
موسى - عليه السلام - ليس إلا شرعه وأن الحق في زمان
محمد - صلى الله عليه وسلم - ليس إلا شرعه ، فهذا وإن كان يوهم الخلاف ، إلا أنه في الحقيقة وفاق ، وأيضا فالمراد من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم ) هو
محمد صلى الله عليه وسلم ، والمراد بكونه مصدقا لما معهم هو أن وصفه وكيفية أحواله مذكورة في التوراة والإنجيل ، فلما ظهر على أحوال مطابقة لما كان مذكورا في تلك الكتب ، كان نفس مجيئه تصديقا لما كان معهم ، فهذا هو المراد بكونه مصدقا لما معهم .
السؤال الثالث : حاصل الكلام أن
nindex.php?page=treesubj&link=31802الله تعالى أخذ الميثاق على جميع الأنبياء بأن يؤمنوا بكل رسول يجيء مصدقا لما معهم فما معنى ذلك الميثاق ؟
والجواب : يحتمل أن يكون هذا الميثاق ما قرر في عقولهم من الدلائل الدالة على أن الانقياد لأمر الله واجب ، فإذا جاء الرسول فهو إنما يكون رسولا عند ظهور المعجزات الدالة على صدقه فإذا أخبرهم بعد ذلك أن الله أمر الخلق بالإيمان به عرفوا عند ذلك وجوبه ، فتقدير هذا الدليل في عقولهم هو المراد من أخذ الميثاق ، ويحتمل أن يكون المراد من أخذ الميثاق أنه تعالى شرح صفاته في كتب الأنبياء المتقدمين ، فإذا صارت أحواله مطابقة لما جاء في الكتب الإلهية المتقدمة وجب الانقياد له ، فقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم ) يدل على هذين الوجهين ، أما على الوجه الأول ، فقوله ( رسول ) ، وأما على الوجه الثاني ، فقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81مصدق لما معكم ) .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ ) فَفِيهِ سُؤَالَاتٌ :
السُّؤَالُ الْأَوَّلُ : مَا
nindex.php?page=treesubj&link=28746وَجْهُ قَوْلِهِ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81ثُمَّ جَاءَكُمْ ) ، وَالرَّسُولُ لَا يَجِيءُ إِلَى النَّبِيِّينَ وَإِنَّمَا يَجِيءُ إِلَى الْأُمَمِ ؟ .
وَالْجَوَابُ : إِنْ حَمَلْنَا قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ ) عَلَى أَخْذِ مِيثَاقِ أُمَمِهِمْ فَقَدْ زَالَ السُّؤَالُ ، وَإِنْ حَمَلْنَاهُ عَلَى أَخْذِ مِيثَاقِ النَّبِيِّينَ أَنْفُسِهِمْ كَانَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81ثُمَّ جَاءَكُمْ ) أَيْ جَاءَ فِي زَمَانِكُمْ .
السُّؤَالُ الثَّانِي : كَيْفَ يَكُونُ
مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ مَعَ مُخَالَفَةِ شَرْعِهِ لِشَرْعِهِمْ ؟
[ ص: 105 ] قُلْنَا : الْمُرَادُ بِهِ حُصُولُ
nindex.php?page=treesubj&link=25029الْمُوَافَقَةِ فِي التَّوْحِيدِ ، وَالنُّبُوَّاتِ ، وَأُصُولِ الشَّرَائِعِ ، فَأَمَّا تَفَاصِيلُهَا وَإِنْ وَقَعَ الْخِلَافُ فِيهَا ، فَذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ بِخِلَافٍ ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمُ السَّلَامُ - مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْحَقَّ فِي زَمَانِ
مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَيْسَ إِلَّا شَرْعَهُ وَأَنَّ الْحَقَّ فِي زَمَانِ
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ إِلَّا شَرْعَهُ ، فَهَذَا وَإِنْ كَانَ يُوهِمُ الْخِلَافَ ، إِلَّا أَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ وِفَاقٌ ، وَأَيْضًا فَالْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ ) هُوَ
مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ هُوَ أَنَّ وَصْفَهُ وَكَيْفِيَّةَ أَحْوَالِهِ مَذْكُورَةٌ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ، فَلَمَّا ظَهَرَ عَلَى أَحْوَالٍ مُطَابِقَةٍ لِمَا كَانَ مَذْكُورًا فِي تِلْكَ الْكُتُبِ ، كَانَ نَفْسُ مَجِيئِهِ تَصْدِيقًا لِمَا كَانَ مَعَهُمْ ، فَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ .
السُّؤَالُ الثَّالِثُ : حَاصِلُ الْكَلَامِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=31802اللَّهَ تَعَالَى أَخَذَ الْمِيثَاقَ عَلَى جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ بِأَنْ يُؤْمِنُوا بِكُلِّ رَسُولٍ يَجِيءُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ فَمَا مَعْنَى ذَلِكَ الْمِيثَاقِ ؟
وَالْجَوَابُ : يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمِيثَاقُ مَا قُرِّرَ فِي عُقُولِهِمْ مِنَ الدَّلَائِلِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ الِانْقِيَادَ لِأَمْرِ اللَّهِ وَاجِبٌ ، فَإِذَا جَاءَ الرَّسُولُ فَهُوَ إِنَّمَا يَكُونُ رَسُولًا عِنْدَ ظُهُورِ الْمُعْجِزَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِهِ فَإِذَا أَخْبَرَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْخَلْقَ بِالْإِيمَانِ بِهِ عَرَفُوا عِنْدَ ذَلِكَ وَجُوبَهَ ، فَتَقْدِيرُ هَذَا الدَّلِيلِ فِي عُقُولِهِمْ هُوَ الْمُرَادُ مِنْ أَخْذِ الْمِيثَاقِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ أَخْذِ الْمِيثَاقِ أَنَّهُ تَعَالَى شَرَحَ صِفَاتِهِ فِي كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ ، فَإِذَا صَارَتْ أَحْوَالُهُ مُطَابِقَةً لِمَا جَاءَ فِي الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَجَبَ الِانْقِيَادُ لَهُ ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ ) يَدُلُّ عَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ ، أَمَّا عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ ، فَقَوْلُهُ ( رَسُولٌ ) ، وَأَمَّا عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي ، فَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ ) .