والسبب الثاني لذلك : قوله تعالى : ( وتؤمنون بالكتاب كله ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : في الآية إضمار ، والتقدير : وتؤمنون بالكتاب كله وهم لا يؤمنون به ، وحسن الحذف لما بينا أن . الضدين يعلمان معا فكان ذكر أحدهما مغنيا عن ذكر الآخر
المسألة الثانية : لوجوه . أحدها : أنه ذهب به مذهب الجنس كقولهم : كثر الدرهم في أيدي الناس . وثانيها : أن المصدر لا يجمع إلا على التأويل ، فلهذا لم يقل الكتب بدلا من الكتاب ، وإن كان لو قاله لجاز توسعا . ذكر ( الكتاب ) بلفظ الواحد
[ ص: 176 ] المسألة الثالثة : تقدير الكلام : أنكم تؤمنون بكتبهم كلها وهم مع ذلك يبغضونكم فما بالكم مع ذلك تحبونهم وهم لا يؤمنون بشيء من كتابكم ، وفيه توبيخ شديد بأنهم في باطلهم أصلب منكم في حقكم ، ونظيره قوله تعالى : ( فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون ) [ النساء : 104 ] .