النوع الرابع عشر من المحرمات : 
( والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم    ) 
قوله تعالى : ( والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم    ) . 
فيه مسائل : 
المسألة الأولى : الإحصان في اللغة  المنع ، وكذلك الحصانة ، يقال : مدينة حصينة ودرع حصينة ، أي : مانعة صاحبها من الجراحة . قال تعالى : ( وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم    ) [ الأنبياء : 80 ] معناه لتمنعكم وتحرزكم ، والحصن الموضع الحصين لمنعه من يريده بالسوء ، والحصان بالكسر الفرس الفحل ، لمنعه صاحبه من الهلاك ، والحصان بالفتح المرأة العفيفة لمنعها فرجها من الفساد ، قال تعالى : ( ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها    ) [ التحريم : 12 ] . 
واعلم أن لفظ الإحصان جاء في القرآن على وجوه : 
أحدها : الحرية كما في قوله تعالى : ( والذين يرمون المحصنات    ) [ النور : 4 ] يعني الحرائر ، ألا ترى أنه لو قذف غير حر  لم يجلد ثمانين ، وكذلك قوله : ( فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب    ) [ النساء : 25 ] يعني الحرائر ، وكذلك قوله : ( ومن لم يستطع    )   [ ص: 33 ]   ( منكم طولا أن ينكح المحصنات    ) [ النساء : 25 ] ، أي : الحرائر . 
وثانيها : العفاف ، وهو قوله ( محصنات غير مسافحات    ) [ النساء : 25 ] ، وقوله : ( محصنين غير مسافحين    ) [ المائدة : 5 ] ، وقوله : ( والتي أحصنت فرجها    ) [ الأنبياء : 91 ] أي : أعفته . 
وثالثها : الإسلام ، من ذلك قوله : ( فإذا أحصن    ) [ النساء : 25 ] قيل في تفسيره : إذا أسلمن . 
ورابعها : كون المرأة ذات زوج يقال : امرأة محصنة إذا كانت ذات زوج ، وقوله : ( والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم    ) يعني ذوات الأزواج ، والدليل على أن المراد ذلك أنه تعالى عطف المحصنات على المحرمات ، فلا بد وأن يكون الإحصان سببا للحرمة  ، ومعلوم أن الحرية والعفاف والإسلام لا تأثير له في ذلك ، فوجب أن يكون المراد منه المزوجة ؛ لأن كون المرأة ذات زوج له تأثير في كونها محرمة على الغير . 
واعلم أن الوجوه الأربعة مشتركة في المعنى الأصلي اللغوي ، وهو المنع ، وذلك لأنا ذكرنا أن الإحصان عبارة عن المنع ، فالحرية سبب لتحصين الإنسان من نفاذ حكم الغير فيه ، والعفة أيضا مانعة للإنسان عن الشروع فيما لا ينبغي ، وكذلك الإسلام مانع من كثير مما تدعو إليه النفس والشهوة ، والزوج أيضا مانع للزوجة من كثير من الأمور ، والزوجة مانعة للزوج من الوقوع في الزنا ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام : " من تزوج فقد حصن ثلثي دينه   " فثبت أن المرجع بكل هذه الوجوه إلى ذلك المعنى اللغوي ، والله أعلم . 
المسألة الثانية : قال الواحدي    : اختلف القراء في " المحصنات " فقرءوا بكسر الصاد وفتحها في جميع القرآن إلا التي في هذه الآية فإنهم أجمعوا على الفتح فيها ، فمن قرأ بالكسر جعل الفعل لهن يعني : أسلمن واخترن العفاف ، وتزوجن وأحصن أنفسهن بسبب هذه الأمور ، ومن قرأ بالفتح جعل الفعل لغيرهن ، يعني أحصنهن أزواجهن ، والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					