النوع الثالث : من الأمور التي اشتملت هذه الآية عليها ويؤت من لدنه أجرا عظيما ) وفيه مسألتان : قوله تعالى : (
[ ص: 85 ] المسألة الأولى : لدن : بمعنى " عند " إلا أن " لدن " أكثر تمكينا ، يقول الرجل : عندي مال ، إذا كان ماله ببلد آخر ، ولا يقال : لدي مال ، ولا لدني ، إلا ما كان حاضرا .
المسألة الثانية : اعلم أنه لا بد من الفرق بين هذا وبين قوله : ( وإن تك حسنة يضاعفها ) والذي يخطر ببالي - والعلم عند الله - أن ذلك التضعيف يكون من جنس ذلك الثواب ، وأما هذا الأجر العظيم فلا يكون من جنس ذلك الثواب ، والظاهر أن ذلك التضعيف يكون من جنس اللذات الموعود بها في الجنة ، وأما هذا الأجر العظيم الذي يؤتيه من لدنه فهو اللذة الحاصلة عند الرؤية وعند الاستغراق في المحبة والمعرفة ، وإنما خص هذا النوع بقوله : ( من لدنه ) ؛ لأن هذا النوع من الغبطة والسعادة والبهجة والكمال لا ينال بالأعمال الجسدانية ، بل إنما ينال بما يودع الله في جوهر النفس القدسية من الإشراق والصفاء والنور ، وبالجملة فذلك التضعيف إشارة إلى السعادة الجسمانية ، وهذا الأجر العظيم إشارة إلى السعادة الروحانية .