المسألة الرابعة : قال رحمه الله : الشافعي أولا قطعت يده اليمنى ، وفي الثانية رجله اليسرى ، وفي الثالثة يده اليسرى ، وفي الرابعة رجله اليمنى ، وقال الرجل إذا سرق أبو حنيفة : لا يقطع في المرة الثالثة والرابعة . والثوري
واحتج رحمه الله بهذه الآية من وجهين : الشافعي
الأول : أن السرقة علة لوجوب القطع ، وقد وجدت في المرة الثالثة ، فوجب أيضا ، إنما قلنا : إن السرقة علة لوجوب القطع لقوله : ( القطع في المرة الثالثة والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ) وقد بينا أن المعنى : الذي سرق فاقطعوا يده ، وأيضا الفاء في قوله : ( فاقطعوا أيديهما ) يدل على أن القطع وجب جزاء على تلك السرقة ، فالسرقة علة لوجوب القطع ، ولا شك أن السرقة حصلت في المرة الثالثة ، فما هو الموجب للقطع حاصل في المرة الثالثة ، فلا بد وأن يترتب عليه موجبه ، ولا يجوز أن يكون موجبه هو القطع في المرة الأولى ؛ لأن الحكم لا يسبق العلة ؛ وذلك لأن القطع وجب بالسرقة الأولى ، فلم يبق إلا أن تكون السرقة في المرة الثالثة توجب قطعا آخر وهو المطلوب .
والثاني : أنه تعالى قال : ( فاقطعوا أيديهما ) ولفظ الأيدي لفظ جمع ، وأقله ثلاثة ، والظاهر يقتضي وجوب قطع ثلاثة من الأيدي في السارق والسارقة ، ترك العمل به ابتداء فيبقى معمولا به عند السرقة الثالثة .
فإن قالوا : إن ابن مسعود قرأ فاقطعوا أيمانهما ، فكان هذا الحكم مختصا باليمين لا في مطلق الأيدي ، والقراءة الشاذة جارية مجرى خبر الواحد .
قلنا : ، فنحن نتمسك بالقراءة المتواترة في إثبات مذهبنا وأيضا القراءة الشاذة ليست بحجة عندنا ؛ لأنا نقطع أنها ليست قرآنا ، إذ لو كانت قرآنا لكانت متواترة ، فإنا لو جوزنا أن لا ينقل شيء من القرآن إلينا على سبيل التواتر انفتح باب طعن الروافض والملاحدة في القرآن ؛ ولعله كان في القرآن آيات دالة على إمامة القراءة الشاذة لا تبطل القراءة المتواترة رضي الله عنه نصا ، وما نقلت إلينا ، ولعله كان فيه آيات دالة على نسخ أكثر هذه الشرائع وما نقلت إلينا ، ولما كان ذلك باطلا بأنه لو كان قرآنا لكان متواترا ، فلما لم يكن متواترا قطعنا أنه ليس بقرآن ، فثبت أن علي بن أبي طالب البتة . [ ص: 180 ] القراءة الشاذة ليست بحجة