الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الخامسة : قال الشافعي رضي الله عنه في الأم : قيل إنه يتعوذ في كل ركعة ثم قال : والذي أقوله أنه لا يتعوذ إلا في الركعة الأولى ، وأقول : له أن يحتج عليه بأن الأصل هو العدم ، وما لأجله أمرنا بذكر الاستعاذة هو قوله : ( فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله ) وكلمة إذا لا تفيد العموم ، ولقائل أن يقول : قد ذكرنا أن ترتيب الحكم على الوصف المناسب يدل على العلية ، فيلزم أن يتكرر الحكم بتكرر العلة ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة السادسة :

                                                                                                                                                                                                                                            أنه تعالى قال في سورة النحل : ( فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ) [ النحل : 98 ] وقال في سورة أخرى : ( إنه هو السميع العليم ) [ الأنفال : 61 ] وفي سورة ثالثة : ( إنه سميع عليم ) [ الأعراف : 200 ] .

                                                                                                                                                                                                                                            فلهذا السبب اختلف العلماء فقال الشافعي : واجب أن يقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، وهو قول أبي حنيفة قالوا : لأن هذا النظم موافق لقوله تعالى : فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ، وموافق أيضا لظاهر الخبر الذي رويناه عن جبير بن مطعم ، وقال أحمد : الأولى أن يقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إنه هو السميع العليم جمعا بين الآيتين ، وقال بعض أصحابنا : الأولى أن يقول : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ؛ لأن هذا أيضا جمع بين الآيتين ، وروى البيهقي في كتاب السنن عن أبي سعيد الخدري أنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل كبر ثلاثا وقال : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم .

                                                                                                                                                                                                                                            وقال الثوري والأوزاعي : الأولى أن يقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إن الله هو السميع العليم ، وروى الضحاك عن ابن عباس أن أول ما نزل جبريل على محمد عليه الصلاة والسلام قال : قل يا محمد : أستعيذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ثم قال : قل : بسم الله الرحمن الرحيم ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) [ العلق : 1 ] .

                                                                                                                                                                                                                                            وبالجملة فالاستعاذة تطهر القلب عن كل ما يكون مانعا من الاستغراق في الله ، والتسمية توجه القلب إلى هيبة جلال الله ، والله الهادي .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية